Print

خالد منتصر

ردم البركة أفضل من رش البيروسول

خالد منتصر

شاب تركى 22 سنة، كما أخبرتنا وكالات الأنباء، هو قاتل السفير السوفيتى فى أنقرة، شاب فى نفس سن الإرهابى الذى فجّر الكنيسة البطرسية، وقبلهما أطفال فى سوريا والعراق يربطون على خصورهم الأحزمة الناسفة لتفجير أقسام شرطة وتجمعات جيش... إلخ، عربات نقل يقودها شباب فى نفس السن أيضاً لدهس المدنيين العزل فى نيس وبرلين خلال أوقات ذروة السياحة والاحتفالات والأعياد!!

شباب مصرى منهم من كان فى كلية الهندسة أو الطب أو الصيدلة، ومنهم من كان رياضياً حكم كرة أو مغنياً فى فرقة جاز!! صار التجنيد الداعشى والقاعدى يستهدف الأطفال والمراهقين، صاروا هم المشتل الإرهابى الجديد، ولنا فى إسلام يكن ورفاقه ممن انضموا لداعش أسوة ودليلاً!! اختيار ذكى وشرير من تلك المنظمات الفاشية الإجرامية، إنها سن عدم الثبات الانفعالى والتطرف السلوكى والإحباط السريع والمثاليات المبتغاة والشهوة الجارفة والمود المتذبذب والثقافة البدائية.

بركة الإرهاب تتسع، بيض الذباب والبعوض الإرهابى يتكاثر كالسرطان ويفقس جيوشاً متطرفة جديدة تنضم إلى كتائب الإرهاب، ونحن ما زلنا نحارب الذباب والبعوض بضربة مضرب ورشّة بيروسول، بينما تتسع البركة وتتعفن ويتراكم فيها الماء الآسن وتطفح المجارى وتتنامى الحشائش، ونحن نجرى بالمضرب وبعلبة البيروسول نلاحق ذبابة على جدار أو ناموسة على مفرش!! ستنتهى حياتنا نحن وأحفادنا ونحن ما زلنا نلهث بمضربنا الممزق وبيروسولنا الصدئ خلف ذبابة مارقة وناموسة مراوغة!!

الحل فى ردم بركة الإرهاب وتجفيف المياه، وبدلاً من الحشائش التى تجمع الذباب نزرع ياسميناً فواحاً وأشجاراً طاردة للهاموش، بدلاً من استنفاد وإهدار طاقة جهدك الأمنى المطلوب طبعاً، وفّر معظمه لوضع خطة لردم بركة الإرهاب، حكومتنا ودولتنا ما زالت تتبع سياسة المضرب والبيروسول فى حربها مع الإرهابيين لذلك لم ولن تغتال الإرهاب أو حتى تقلصه أو تعزله، البركة الآسنة مناهج تعليمية تدعو لكراهية الآخر، البركة الآسنة منصات إعلامية ترسخ للجهل والخرافة، البركة الآسنة مؤسسات ترتزق بالدين ومن الدين ولا تحوله إلى طاقة بناء ومصنع ضمير، البركة الآسنة هى فى رخاوة ومماينة مع وطبطبة لاتجاهات وهابية وخوف وتقية من إعلان هوية وطن واضحة لا تحتمل اللبس والتأويل، لا بد أن نعترف أولاً بأن لدينا مشكلة فى مفاهيمنا وأفكارنا الدينية وليس فى خطابنا أو أسلوبنا،

لن تُجدى الأغانى التى تقول إننا مسلمون مسالمون ولا الخطب العصماء على المنابر والتى تذكر جنازة اليهودى التى تم احترامها أو القبطية التى تزوجها النبى... إلى آخر تلك الأحداث التى هى فعلاً حقيقية، ولكن السؤال: لماذا لم تترك تأثيرها وبصمتها على رغبة التغيير؟ الإجابة هى أن هناك قصصاً ونصوصاً مقابلة مضادة أكثر انتشاراً وإلحاحاً عن يهود قُتلوا ووُصفوا بأحفاد القردة والخنازير، وعن مسيحيين يجب ألا تهنئهم ويجب أن تضيق عليهم فى الطرقات وتأخذ جزيتهم وهم صاغرون... إلخ، هذه النصوص والأفكار تنقلها رياح مواتية لتلقح أمزجة سلفية جاهزة فتكون النتيجة ثمار صبار، محمود شفيق المصرى أو مولود الطنطاش التركى.