السعودية تكشف عن طائفيتها بوقاحة

بقلم / د. عبد الخالق حسين*

تبذل المملكة العربية السعودية جهوداً إعلامية واسعة لإظهار نفسها، وخاصة فيما يجري في العراق من اقتتال طائفي بغيض، بأنها دولة محايدة وحريصة كل الحرص على استقرار العراق وما يدور فيه من فتنة طائفية، وأنها تريد كل الخير للشعب العراقي! ولكن موقفها الأخير من جولة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في الدول العربية، كشف المستور وأسقط ورق التوت عن العورة السعودية البشعة.

لا شك أن السيد المالكي كان يرمي من وراء زيارته للدول العربية استمالة هذه الدول في محاولة منه لإقناعها أن تكف عن صب الزيت على الحريق العراقي وأن تترك الشعب العراقي لحاله وتتوقف عن إرسال الإرهابيين إلى العراق. ولكن المملكة السعودية، حاضنة الحرمين اللذين يعتبران من أقدس مقدسات الشعوب الإسلامية، وكما نشرت وكالات الأنباء، لم تستطع إخفاء مشاعرها الحقيقية إذ " أعلنت عن عدم رغبتها في استقبال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي،.... وإن الملك عبد الله لا يرغب في استقبال المالكي في حال قيامه بزيارة إلى المملكة." (رابط المصدر أدناه).

لا شك أن السيد المالكي كان يرمي من وراء زيارته للدول العربية استمالة هذه الدول في محاولة منه لإقناعها أن تكف عن صب الزيت على الحريق العراقي وأن تترك الشعب العراقي لحاله وتتوقف عن إرسال الإرهابيين إلى العراق. ولكن المملكة السعودية، حاضنة الحرمين اللذين يعتبران من أقدس مقدسات الشعوب الإسلامية، وكما نشرت وكالات الأنباء، لم تستطع إخفاء مشاعرها الحقيقية إذ " أعلنت عن عدم رغبتها في استقبال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي،.... وإن الملك عبد الله لا يرغب في استقبال المالكي في حال قيامه بزيارة إلى المملكة." (رابط المصدر أدناه).

 

 

 

والغريب في الأمر أن ظهر فيما بعد أن السعودية لم تكن أصلاً ضمن قائمة البلدان العربية التي كان المالكي ينوي زيارتها. فإذن ما الدافع الحقيقي وراء هذا التصريح الاستفزازي الخارج عن اللياقة وأبسط قواعد الدبلوماسية في هذا الزمن العربي الداعر؟

 

 

في رأيينا أن السبب واضح وضوح الشمس، وهو الموقف الطائفي البغيض للسعودية الوهابية من الشيعة. وهذا التصريح في حقيقته ناتج عن غباء وصلافة وصفاقة وجهل في أبسط قواعد السياسة والكياسة واللياقة ولا يساعد مطلقاً في استقرار المنطقة الجاثمة أصلاً على براكين تنتظر الانفجار. ولعل بعض الطائفيين يتهمونني بالطائفية والانتماء إلى المذهب الشيعي!! أذكِّر هؤلاء أني ليبرالي وديمقراطي، ومهمتي أن أسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية وأفضح الخطأ والجريمة أين ما كان ومن أي مصدر جاء. فإني مع شيعة السعودية في معاناتهم من طائفية حكومتهم، ومع سنة إيران في معاناتهم من السلطة الإيرانية الطائفية الشيعية ضد المسلمين السنة وغيرهم من أصحاب الدينات الأخرى، وضد طالبان السنة والشيعة في العراق في اضطهادهم  لأصحاب الديانات غير الإسلامية، كما وحضرت قبل أسابيع مؤتمر زيورخ للدفاع عن الأقليات في الشرق الأوسط وبهذه الروحية. وهذا الموقف ذاته هو الذي دفعني قبل عام لأنتقد وزير داخلية العراق (الشيعي) عندما أطلق بعض التصريحات الساذجة وغير اللائقة ضد السعودية، ويومها استلمت سيلاً من رسائل الشتائم من بعض القراء الشيعة يتهمونني فيها بالتحيّز والتعصب إلى "طائفتي" الوهابية!! فأقول لهؤلاء وأولئك، أني أرفض تصنيفي على أية طائفة وفق مقاييسكم الطائفية المتخلفة. فكغيري من الكتاب الليبراليين، من واجبي إدانة الطائفية والظلم ومن أي مصدر كان.

 

 

فالعاهل السعودي الملك عبدالله لم يتردد في استقبال فقيه الإرهاب الشيخ حارث الضاري، رئيس ما يسمى بـ"هيئة العلماء المسلمين" في العراق، والتي يسميها العراقيون بحق بـ(هيئة علماء الخاطفين) وغيره من الطائفيين. وقد جاء عذر المملكة في عدم استقبال المالكي أقبح من الفعل، حيث "أعلن مصدر سعودي رسمي لوكالة الأنباء الألمانية أن عدم استقبال السعودية لرئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي، لأنه يعمل على تعزيز الدور الإيراني في العراق...ولم تذكر وكالة الأنباء اسم المسؤول السعودي الذي وصفته بانه مسؤول رسمي لكنه طلب عدم ذكر اسمه، حسبما قالت قناة الشرقية العراقية" (رابط المصدر في نهاية المقالة).

 

 

فهل حقاً يعمل المالكي "على تعزيز الدور الإيراني في العراق"؟

 

لا أريد هنا الدفاع عن السيد المالكي، ولكن الحقيقة يجب أن تقال مهما كانت. فكلنا نعرف أن "السلطات الإيرانية رفضت منح طائرة تقل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الإذن بعبور الأجواء الايرانية خلال رحلته الى آسيا، مما أدى الى تغيير الطائرة لمسارها والتوجه الى دبي،.." وأيضاً بحجة سخيفة مفادها: " ... ان علم بان الطائرة ربما تكون مجهزة بآلات تصوير ورصد، قادرة على رصد وتصوير المواقع النووية اثناء العبور فوقها." (الشرق الأوسط، 9/4/2007). فهل هذا يعني أن المالكي " يعمل على تعزيز الدور الايراني في العراق"؟

 

 

في الحقيقة أن المملكة لم تتردد في استقبال عميل إيران الحقيقي الذي فعلاً (يعمل على تعزيز الدور الايراني في العراق) ألا وهو السيد مقتدى الصدر، زعيم مليشيات (جيش المهدي) الذي استقبلته المملكة وكأنه رجل دولة وأحاطته بكل حفاوة وتقدير. لماذا؟ لأن مقتدى يعمل على تدمير العراق وإفشال العملية الديمقراطية فيه وهذا بحد ذاته يصب في خدمة المملكة السعودية ومعظم دول المنطقة. كذلك تستقبل المملكة مسؤولين كبار من إيران ذاتها وعلى الدوام، فلماذا ترفض استقبال رئيس الوزراء العراقي بحجة أنه يعمل على تعزيز الدور الإيراني؟

 

 

إن موقف السعودية الطائفي من العراق ليس بجديد. فقد اتخذت المملكة هذا الموقف المعادي للعراق كلما تشكلت فيه حكومة تعمل على تخليصه من الطائفية البغيضة وتخطط لقيام حكم ديمقراطي. ففي عهد ثورة 14 تموز 1958 حاول قائدها الزعيم عبدالكريم قاسم إلغاء الطائفية وهيأ لتحقيق الديمقراطية، ولكن السعودية ومعها الحكومات العربية تبنت موقف العداء للعراق ولنفس الغرض، حيث تعاون الجميع على اغتيال تلك الثورة وحكومتها الوطنية كما يجري اليوم.

 

 

حقاً إن السعودية ومعظم الدول العربية تتصرف وكما لو تمثل أقلية مذعورة حيث لا تتحمل بينها وجود طائفة تختلف ولو قليلاً عن الطائفة الكبرى التي تمثلها معظم هذه الحكومات العربية، راجع مقال الدكتور سعد الدين إبراهيم بهذا الخصوص بعنوان: (لماذا يتصرف المسلمون السُنة كأنهم أقلية مذعورة).

 

 

إن رفض السعودية استقبال رئيس الوزراء العراقي أثبت بدون أي شك أنها تدعم الإرهاب في العراق ومهما أعلنت من تصريحات خلاف ذلك وذرفت دموع التماسيح على الشعب العراقي. فمعظم فتاوى فقهاء الموت على تحريض الشباب المسلم بالتوجه إلى العراق للجهاد ضد "الكفار" تصدر من أئمة المساجد في السعودية. ونحن نعرف أن السعودية دولة بوليسية لا يمكن إصدار مثل هذه الفتاوى إلا بموافقة بل وبدفع من الحكومة. كذلك معظم الإرهابيين العرب في العراق هم سعوديون. ولا يمكن لهؤلاء بالقدوم إلى العراق بدون دعم وموافقة حكومتهم. ولذلك نرى الإرهابيين الذين يتم القبض عليهم في العراق يطالبون بتسليمهم إلى حكوماتهم، لأنهم يعرفون أن حكوماتهم ستستقبلهم كأبطال مجاهدين في سبيل الله. راجع تقرير صحيفة الشرق الأوسط يوم 26/4/2007 بعنوان (مصريون وسعوديون ويمنيون معتقلون في العراق: سلمونا لحكوماتنا).

 

لذلك فإننا نطالب الحكومة العراقية بعدم تسليم هؤلاء الإرهابيين المجرمين إلى حكوماتهم بل تنفيذ حكم القانون بحقهم دون رحمة. 

 

 

المصادر:

 

* تقرير صحيفة آفاق الإلكترونية:  السعودية ترفض استقبال المالكي وسط أنباء عن توتر جديد في العلاقات

 

* موقع  الملف:  السعودية: رفضنا استقبال المالكي لأنه يعمل على دعم ايران في العراق

 

 

* الدكتور سعد الدين إبراهيم: لماذا يتصرف المسلمون السُنة كأنهم أقلية مذعورة

 

_________________

* كاتب عراقي مقيم في إنكلترا

 

 

 

المصادر:

 

* تقرير صحيفة آفاق الإلكترونية:  السعودية ترفض استقبال المالكي وسط أنباء عن توتر جديد في العلاقات

 

* موقع  الملف:  السعودية: رفضنا استقبال المالكي لأنه يعمل على دعم ايران في العراق

 

 

* الدكتور سعد الدين إبراهيم: لماذا يتصرف المسلمون السُنة كأنهم أقلية مذعورة

 

_________________

* كاتب عراقي مقيم في إنكلترا

 


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com