Print

بعد بيان الحكومة.. حقيقة إغلاق كنائس في المنيا

مجلس الوزراء ينفي إغلاق عدد من الكنائس في المنيا وكهنة سمالوط يطالبون بفتح 6 كنائس مغلقة.. وزاخر: الجمعيات الأهلية المسيحية قد تكون حلا للأزمة
 
تحرير:بيتر مجدي
FacebookTwitterGoogle+PinterestWhatsAppFacebook MessengerShare
لا تزال أصداء أزمة «منشية الزعفرانة» تلقي بظلالها على المشهد، منذ تجمهر مواطنين مسلمين بالقرية أمام المكان الذي صلى فيه مواطنون مسيحيون قداس عيد الميلاد، وتطلق عليه إيبارشية المنيا «كنيسة مار جرجس»، وصولا إلى بيان للحكومة أمس الثلاثاء، نفت من خلاله أن يكون تم إغلاق كنائس بالمنيا، ثم رسالة من كهنة إيبارشية سمالوط إلى اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، عن عدة كنائس أغلقت منذ عام 2006، ولم تفتح مجددا، ما يثير التساؤلات حول انتهاء إشكالية بناء الكنائس خاصة في الصعيد، رغم خطوات عدة اتخذتها الحكومة، وبعد تباين الأنباء أين توجد الحقيقة في هذه الأزمة؟

ما يحكم الأزمة

هذه الأزمة تتعلق بحقين من الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين، هما: حرية ممارسة الشعائر الدينية، وحرية إقامة دور العبادة، وتنص المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على: «لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة».

وتنص مادة 64 من الدستور المصري على: «حرية الاعتقاد مطلقة. وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية، حق ينظمه القانون». ونتج عن هذه المادة إصدار قانون بناء الكنائس، في نهاية دور الانعقاد الأول للبرلمان الحالي في سبتمبر 2016، كما أوصى الدستور في مواده الانتقالية، ونتج عن القانون لجنة لتقنين أوضاع الكنائس القائمة دون تراخيص. (للمزيد: لجنة تقنين أوضاع الكنائس.. مع إيقاف التنفيذ)

ورغم ترحيب الكنائس المصرية بالقانون فإنه واجه انتقادات، من نواب وأحزاب وسياسيين، ومؤسسات حقوقية، وكذلك ازدادت الانتقادات مع استمرار مشكلات بناء الكنائس، ومطالبات تعديل القانون. (للمزيد: «هنري» بعد «بلاغ برهامي»: أين مفوضية مواجهة التمييز؟)

بيان الحكومة

ذكر بيان مجلس الوزراء، أمس، أنه تم التواصل مع محافظة المنيا، التي أوضح مسؤولوها أن أنباء إغلاق 3 كنائس من قبل الجهات الأمنية غير صحيحة على الإطلاق، مؤكدة أنه لا صحة لإغلاق أية كنيسة أو منشأة دينية بالمحافظة. وشدد بيان المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، على «حرية إقامة الشعائر الدينية التي يكفلها القانون والدستور لجميع المواطنين على حد سواء دون تفرقة، وأن كل ما يتردد حول هذا الشأن مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة تستهدف تفتيت الوحدة الوطنية وإحداث فتنة طائفية». (اقرأ أيضا: بعد خطوات عديدة.. هل تنتهي أزمة بناء الكنائس؟)

طلب إحاطة مضاد

قبل أن تصدر الحكومة بيان نفي إغلاق 3 كنائس في المنيا، قدمت النائبة نادية هنري عضوة لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، السبت الماضي، طلب إحاطة إلى رئيس البرلمان، دكتور علي عبد العال، بشأن «أحداث كنيسة بمنشية زعفرانة التابعة لمركز أبو قرقاص بالمنيا»، ليوجهه إلى رئيس الوزراء، ووزير الداخلية.

طلب الإحاطة أشار إلى أنه «أغلقت الأجهزة الأمنية بالمنيا بالمخالفة للقانون وكافة الدساتير المصرية والاتفاقيات الدولية في شهر واحد ثلاثة مبان كنسية، اثنين تابعين لإيبارشية المنيا وأبو قرقاص وثالث تابع لإيبارشية سمالوط». (اقرأ أيضا: «منشية الزعفرانة».. أول اختبار للجنة مواجهة الطائفية)

بيانات كنائس المنيا

عقب أزمة «منشية الزعفرانة»، الجمعة الماضية، أصدرت مطرانية المنيا وأبو قرقاص بيانا أوضحت فيه تفاصيل الأزمة، منذ قداس عيد الميلاد مساء 6 يناير الجاري، إلى أن تم خروج الكهنة وإغلاق المكان بعد تجمهر مواطنين متشددين، كما أشار البيان إلى إغلاق مكان آخر، باسم «كنيسة الأنبا رويس بحي المنصورة في بندر المنيا، يوم 27 ديسمبر الماضي».

مع استمرار أزمة «منشية الزعفرانة»، دخلت إيبارشية سمالوط على خط الأزمة، وبعث كهنتها رسالة لوزير الداخلية اللواء، محمود توفيق، حول الكنائس المغلقة في إيبارشيتهم، وأوضح الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا وأبو قرقاص، لـ«التحرير»، أنهم يرغبون في مقابلة وزير الداخلية.

في الرسالة لوزير الداخلية طالب الكهنة بفتح الكنائس المغلقة منذ عام 2006، وجاء بها: «نحيط علم سيادتكم أننا في محافظة المنيا وتحديدا مركز سمالوط نعاني أشد المعاناة في ممارسة الشعائر الدينية ويوجد لدينا عدد من الكنائس المغلقة منذ عام 2006 حتى الآن، وقد طرقنا أبواب الجهات المعنية بمحافظة المنيا بطلبات مكتوبة ومحاولات وكان الرد ننتظر الموافقة من القاهرة مع العلم أنه لا توجد مشكلة أو مانع من إخوتنا المسلمين من فتح الكنائس».

وطالبوا بفتح 6 كنائس قبل قداس عيد الغطاس الذي يوافق مساء الجمعة 18 يناير الجاري، وهي: «كنيسة البابا كيرلس بعزبة صميدة مغلقة من عام 2006، كنيسة العذراء بعزبة داوود ويوسف مغلقة من عام 2006، كنيسة مار جرجس بعزبة دبوس مغلقة من عام 2002، كنيسة مار جرجس عزبة فرج الله تم حرقها من عام 2016 ولم يتم السماح بالبناء حتى الآن، كنيسة مار يوحنا كوم الراهب مغلقة من شهرين، كنيسة أبو مقار عزبة أبو حنس الأرض مجهزة ولم تتم الموافقة بالمباني حتى الآن».

فض الاشتباك

بيان مجلس الوزراء الذي أعلنت من خلاله الحكومة، نفي الجهات المسؤولة بمحافظة المنيا إغلاق كنائس، يعتبر صحيحا من وجهة نظر قانون بناء الكنائس، فهذه الأماكن لم تحصل على تصاريح وفقا لنص القانون، ولم يتم تقنين أوضاعها من قبل لجنة توفيق أوضاع الكنائس التي أقرت حتى الآن أوضاع 627 كنيسة ومبنى تابع لمختلف الطوائف المسيحية.

لكن بيان «الوزراء» شدد على «حرية إقامة الشعائر الدينية التي يكفلها القانون والدستور لجميع المواطنين على حد سواء دون تفرقة»، وهذه هي نقطة الخلاف بين الكنائس في المنيا والمحافظة، فأغلب الأماكن المغلقة بقرار من الأمن أو بضغوط من مواطنين متشددين في بعض القرى، ليست كنائس، بل هي بعض الأماكن في القرى التي بلا كنائس وتبعد أقرب كنيسة عن سكانها عدة كيلومترات، وتتخذها الإيبارشيات للصلاة، حيث ينتقل أحد الكهنة لإقامة القداسات لهم، وهذا ما حدث في مكان قرية منشية الزعفرانة في قداس عيد الميلاد.

الجمعيات المسيحية حل

تحتاج الحكومة لأن توضح للمواطنين هل حرية ممارسة الشعائر الدينية مطلقة لكل المواطنين، كما أكد بيانها وينص الدستور، أم أن ممارسة المواطنين المسيحيين للصلاة ليست مطلقة ومسموح بها فقط في الأماكن التي حصلت على ترخيص وفقا لقانون بناء الكنائس بأن تكون كنائس، ويشير الكاتب والمفكر كمال زاخر، إلى أن مصر شهدت انتشار جمعيات أهلية تخضع لوزارة الشؤون الاجتماعية سابقا حتى الثمانينيات، ينص قانونها على عقد اجتماعات روحية بين التعليم والصلاة دون أن تكون كنيسة، واستطاعت أن تقدم حلا شعبيا خاضعا للقانون المصري في تفكيك أزمة بناء الكنائس، وأشهرها جمعية المحبة، الإيمان، ثمرة التوفيق، ثمرة مدارس الأحد، وقدمت خدمة اجتماعية للمجتمع العام من خلال ما أقامته من مستوصفات ومدارس، وهو نسق يقدم حلا يخرج الحكومة من مأزق الصدام مع المتطرفين، ويرضي جميع الأطراف.

«أزمة بناء الكنائس لن تحل ببناء 3 أو 4 كنائس في المدن الجديدة»، هكذا أوضح إسحق إبراهيم، مسؤول ملف حرية الدين والمعتقد في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في منشور على حسابه بـ«فيسبوك»، علق خلاله على بيان الحكومة بنفي محافظة المنيا لإغلاق كنائس، وأشار لبيان إيبارشية سمالوط بإغلاق 6 كنائس بعضها مبني منذ أكثر من 15 سنة، وأضاف أنها «مغلقة بأوامر الأمن، والناس مجبرة على الصلاة في المدينة أو قرى أخرى بعيدة، وهذا بخلاف القرى المحرومة أصلا، والأهالي غير قادرين على التفكير، في وجود مكان يجمعهم للصلاة».

وأوضح أن «كل الإيبارشيات مطالبة الآن بإصدار بيانات بأسماء الكنائس المغلقة والقرى المحرومة حتى لا يتم حصر المشكلة في إيبارشية المنيا والأنبا مكاريوس، وحتى تعرف مؤسسات الدولة حجم الاحتياج الحقيقي». (اقرأ أيضا: البابا و«مكاريوس».. ضغوط المسيحيين وإرادة الحكومة)