اليوم أمطار وغداً  أزهار

شفيق بطرس  

عند حلول شهر إبريل يبدأ الدفىء فى مناطق شمال الوسط الأمريكى ويبدأ معه هطول الأمطار بإنتظام يكاد يكون روتينياً يومياً ، وما أن  يأتى يوماً مُشمساً فى عطلة نهاية الأسبوع حتى يهم الجميع بالتمتع بالربيع وجمال الطبيعه الساحره ، بعد طوال فترة البيات الشتوى داخل الجدران المغلقه ودوائر الهواء الخارج من أجهزة التدفئه  ، ولكن دائماً ما تأتى الرياح بما لا تشتهيه السُفن ونُفاجأ بالأمطار ترفع فى وجوهنا كفها لتقول لنا قٌف وأرجع  الى مكانك فالوقت وقت الأمطار ،

 يبدأ الأطفال فى الأعتراض والتذمُر ولكن يسرع الآباء  بترضيتهم بشرح أهمية الأمطار فلولا الأمطار ما خرجت الزروع والأزهار الجميله وأخضرت الطبيعه كلها ولبست ثوبها السُندسى الجميل  وتناغمت ألوان وأشكال الورود والرياحين ونشرت عبقها فى الأفق لتحمله إلينا نسمات الربيع ونشكر الخالق تجلت قُدرته وتبارك أسمه على ما يعطينا من خيرات ، وعندما يقتنع الأطفال بذلك الرجوع  والحرمان من النُزهه ، فأنه يكون بسبب إنتظار ما هو أحسن وأبدع فى المستقبل القريب جداً ألا وهو الخُضره والأزهار والثمار ،

ولكن هل لو نترك النبته وحيده بدون رعايه ستُعطى الأزهار والثمار ؟ والجواب المعروف هو وجوب الرعايه وأهميتها للنبته الصغيره حتى لا تموت ونفقدها ونحزن عليها ، وبتلقائيه يجب أن نقول إننا إذا فقدنا النبته الصغيره والتى يمكن أن نعوضها فى أى وقت نحزن كل هذا الحزن فماذا عن أولادنا وفلذات أكبادنا ونحن نتركهم نبتات رقيقه معرضه لجفاف الأرض فكما تروى السماء النبته بأمطار إبريل لتجهزها لأزهار مايو يجب أن نروى أولادنا بالحب والعاطفه والنُصح والأرشاد ليترعرعوا ويعطوا أزهاراً مُفرحه وثماراً مُشبعه ، كما نراعى الأعشاب الضاره التى قد تخنق بشوكها ومكرها النبته الصالحه ويكثر الزوان بجوار الحنطه فتقتلها ، فيجب قلع الأشواك والزوان الضاره بأولادنا أيضاً والمتمثله فى معاشرة أصدقاء السوء ، فإن إبعادهم عن أولادنا يحمى أولادنا من التعاليم الرديئه والأخلاق السيئه ، وكما نتعلم من الزارع أيضاً إن بعض الزوان أو الأعشاب الضاره تتخذ نفس منظر الأعشاب الجيده لتخدع أنظار الزارع ،

 وكما هو يحدث فى بعض الحالات التى يتعرض لها أولادنا فى تلون الأشرار وخداعهم لأولادنا ليتمكنوا من إزائهم وتحطيم مستقبلهم وكما  نُبادر بإمداد الزروع بالأسمده لتُغذيها وتُقويها لتنوا وتزدهر ، أيضاً يجب أن نقوى أولادنا بمعرفة طُرق الصلاح والتقوى والبُعد عن كل ما يُبغض الرب ، يضع الزارع شباك خفيفه غير مرئيه أعلى النبته الرقيقه ليحميها من غربان الحقل والطيور الجارحه والضاره التى قد تهيم فوقها وتقتلعها من جزورها قبل أن تبدأ رحله النمو والأثمار ، يجب أيضاً أن نحافظ على أولادنا الصغار فتظل عيوننا مفتوحه طوال الليل والنهار ونظللهم بشباك الرعايه ومعرفة الرب ، يجب أيضاً طرد كل غربان الحقول والنسور الجارحه المتمثله فى المواقع الإباحيه الشريره المنتشره فى كل مكان على  شبكات الإنترنت ، وهى مواقع متعدده ومن السهوله الوصول إليها وتأخذ أشكال الحملان الوديعه وتخفى أنياب الذئاب وشراسة الضباع لتفترس مستقبل أولادنا ،

وكما يفعل الزارع فى ترك الهواء والشمس حول النبته وعدم تغطيتها بغطاء يحجبها عن الطيور الجارحه والغربان،  فقد يكون بذلك قد يحجُب عنها الهواء والماء واشعة الشمس وكل من هذه الأشياء من مستلزمات النمو والأزدهار ، كذلك لا يحجب الآباء أبنائهم عن المجتمع ولا عن التكنولوجيا الحديثه ولكن يغطيهم بشبكات رقيقه غير مرئيه وغير مؤذيه بالإقناع والإرشاد وشرح أضرار هذه المواقع على مستقبلهم وعلى نظرتهم الحاليه للجنس الآخر فإن النظره للجنس الآخر تأخذ زوايا مختلفه وتكون نظرات دونيه من الأولاد للبنات وبالعكس من البنات للأولاد ،

وكما يوجد لدى الزارع طرق كثيره لإبعد غربان الحقول عن زراعته فإن الآباء لديهم طرق كثيره ومختلفه وفعاله للحفاظ على الأبناء من هذا الشر المُتمثل فى هذا الجهاز الذى يصاحب كل فتى وفتاة ويشاركهم حجرات نومهم ويصاحبهم طوال ساعات النهار والليل ،  وكما إنه من الخطوره ترك النبته الصغيره بدون حمايه فقد يختلى بها غربان الحقل ويتلفوها ، فأنه من الخطر ترك الأبناء فى سن المراهقه ينفردون بهذا الجهاز الشيطانى ( الكمبيوتر ) فإن الإنفراديه والشعور بعدم وجود عين المراقبه قد تشجعهم على الإنغماس فى متاهات نحن بغنى عنها وبعدها سيدمنوها ويكون من الصعب على الآباء خلعهم من مخالب هذا الوحش المُفترس ويكون قد فاتتنا فُرص الإنقاذ ، الموضوع كبير وخطير ويجب أن نخوض غماره ونتبحر فى بحاره ونعرف مسلكه وأسراره لنحمى زرعتنا التى أعطاها لنا الله تجلت قدرته وبالأخص فى سنواتها الخطره والحرجه الى أن تكبر وتمر بسلام من هذه المنطقه العُمريه الشائكه وبعدها تكون قد عرفت أن تحمى نفسها بنفسها فإن هذه الزرعه هى بمثابة الوزنه أو الأمانه التى سيسألنا عنها الله تبارك إسمه ونتقدم بقلوب شاكره ونقول قد أعطيتنا يارب الأرض الجيده والبذره الصالحه ولا يبقى إلا أن نقول اليوم أمطار وغداً أزهار .      مش كده ولا إيه..                                                                      


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com