Print

السلطان شحبور وتعديل الدستور

شفيق بطرس

بلغنى أيها الملك السعيد  ، ذو الرأى الرشيد ،  والعُمر الوافر  المديد ، أن السلطان المُفدى شحبور ، عندما ساءت به عواقب الأمور ، وأخذت تلاطمه أمواج الخلجان والبحور ، وقطع عن شعبه المياه والنور ، وعم فى الناس الفقر والجهل والفجور ، وإنتشرت الأوبئه بالناس والحيوان والطيور، وظهرت جحافل اللصوص وأصحاب المليارات والقصور ،

 لتخطف اللقمه من الناس وتجور ، فوق الرؤوس كالغربان والنسور ، الظُلم هو المبدأ والعدل هو المحظور ، إجتمع أعوانه قبل أن يظهر المستور ، و نصحوه أن يحايل  الناس ويعدل لهم  الدستور ، فخرج المنادى فى كل مكان ، يبلغ الشعب والحكماء والأعيان ، عن إجتماع عاجل للديوان ، والحاضر يعلم الغائب رجال كانوا أو نسوان ،  فكل من نظر وله فى جبهته عينان ، وكل من سمع ورأسه محشوره بين أُذنان ، وبسرعه جاء رئيس ديوانه الألعوبان ، المدعو شرور البعرور  الديدبان ، مفصل القوانين وكُلشين كان ، ووزع على الأعضاء ما طبخه من بيان ، فقال له السلطان الأمين  شحبور الرزين ،  حاكم البلاد للأبد و الى يوم الدين ، هو ومن بعده أولاده أجمعين ، يا رئيس ديوان المقاطيع و المنافقين ، ويا أسطى الترزيه والخياطين ، نريد دستوراً مُفصلاً ومتين ، ينفع لكل الأحوال يتلبس على الوشين ، يريح حكماء الشعب والجهله المُغفلين ، بس المهم يا صاحب كل التفانين ، تضمن لى الكرسى المقلوظ والثمين ، طول ما فيا أنفاس داخلين وخارجين ، لى والى عيالى وأحفادى القادمين ، ففهم رئيس الديوان المعانى المخفييه ، وعلم إنها أوامر علويه ، فقلوظ رئيس الديوان عمامته القُرمزيه ، فوق صلعته العريضه  المستخبيه ،  التى بشعر سوالفه مع الفَرق متغطيه ، وشمر عن سواعده القصيره القويه ، وفَرَدَ أمام السُلطان الأتواب الدستوريه ، الصوف منه والجوخ والمقاطع الحريريه ، وأخذ يقصقص بدهاء وسوء نيه ، كل ما يشير الى فكر حر وديموقراطيه ، ويدعم بخيوط متينة  صوفيه ، كل ما يُعزز السُلطان و السُلطانيه ،  ثم دعا أصحاب الأفكار والأطروحات ، وخلط منهم عنب الشام بالبلح الأمهات ، وصَدَقْوا الخلايق وطالبوا بإقتراحات ، وعبر كل مغلول عما به من آهات ، فقال لهم رئيس الديوان هيهات ، ما نريده فعلناه وقد مر الوقت وفات ، وده منظر عاملينه مثل ديكورات ، من أجل لجان الحقوق والحريات ، وقام وثار وأغلظ القَول ، وهاج وماج وقال يالاللهَول ، فالسياسه لعبتنا نصول فيها كل صَول ، نفصل كل قماش وننسج ونتقن النَول ،  أما الماده العظيمه الثانيه ، ذات الصولجان والمكانه الغاليه ، نرفع لها البيارق والأعلام الزاهيه ، وهى فوق الدستور والرؤوس راسيه ،  وهى خط أحمر أمام الكُل عاليه ، وإن فَنَى الدستور نفسه ستظل هى باقيه ، والسلطان سيعرف كيف يخرس الأصوات الشاكيه ، ونهض شرور وأنتفض نَفْضه ،  ثم فض الجلسه ، بعد أن أتقن الطبخه وفَت الفته ، وأخبر السُلطان بسر التوليفه والخَلطه ، وما دبره بدهاء من خِطه ، فشدد على وزير العسكر والشُرطه ، بفتح المعتقلات وإعداد العُده ، وسوطاً لكل مواطن وقطع لسانه بالبَلطه ، فقال له السُلطان شحرور ، يا لك من داهيه يا وزيرى شرور البعرور ، فقد خلعت عليك اللقب بكل حبور ، فأنت طباخ السُلطه والترزى المشهور ، فأنت تعرف كيف تُحيك وكيف تَلِف وتَدور ،  ويتوه معك أى سياسى مغرور ، تلف به سبع أنهار وترجعه عطشان مقهور ، ومن أطال لسانه لدينا السكين والساطور ،  فقال يا فخامة السلطان وسيد الناس ، أنا محسوبك ونواب الديوان الحُراس ، فأنت صاحب السُلطه والمَراَس ، وكل مُعترض بالجزم ينداس ، نتهمه بالفجور وهو الوسواس الخناس ، ونرميه بالسجون خَلف ألف قِفلٍ  وترباس ، وأنبسطت أسارير الأعضاء الحاضرين ، وأجتمع النواب من الرقاصين والمزمرين ، وقاموا الأعضاء الأجلاء الموقرين ، وهتفوا للسُلطان مُصفقين ، وقالوا قد أنجزنا البُنيان المتين ، وعَدلنا الدستور يا سُلطان السلاطين ، والى رئيس الديوان بعرور سنظل خاضعين ،  وإلى مولانا السلطان سنظل خانعين ، ليعيش السُلطان طول السنين ، وأطال الله فى عُمره آمين آمين آمين ..  وسكتت شهرذاد عن كلامها الُمباح ، لأنه لم يعد أمل لخروج  نورالصباح ، وخاف الديك  لأن يهُم بالصياح  ، لكى لا يسجنه ويقطع رقبته السفاح  ، وهذه قصة السُلطان شحرور ، حينما قام بتعديل الدستور ..... من قصص ألف خيبه وخيبه ...     هاهاهااااا ء   يوى يووووو هاهاهااااا ء   يوى يووووووو  هاهاهاااااء   يوى يوووو    .......