Print

رسالة من فتاة قبطية

اسم الكاتب : حسين ديبان
16/05/2007

صرخة جديدة قذفتها بوجهي عبر بريدي الإلكتروني فتاة قبطية لا يبعد مكان سكنها كثيرا عن قرية بمها التي كانت مسرحا لغزوة إسلامية جديدة نفذتها مجموعات من "المجاهدين" المسلمين رضي إلههم عنهم وأرضاهم لم يحتملوا صبرا بدافع من غيرة إيمانية إستمدوها مباشرة من قرآنهم وسنة نبيهم حين تناهى إلى أسماعهم بأن أبناء القرية الأقباط قد باشروا أعمال الترميم والتوسعة لكنيستهم

التي لم تعد تلبي الحاجة، فما كان منهم إلا أن لبوا نداء الههم القاضي بأن لا حق إلا هو ولا دين إلا دينه ولا بيوت للعبادة إلا بيوته حرصا منه على استمرار السلالة الدموية التي هي الضامن الوحيد لإستمرار رسالته، فلا يمكن بناء بيوت للعبادة تكون مهمتها بناء إنسان مسالم ومحب فهذا من شأنه أن يزعزع أركان رسالته التي لا يمكن نشرها والحفاظ على ديمومتها بوسائل "تافهة" من قبيل الحب والسلام وإنما بالسيف والدم التي خُطت به تلك الرسالة من لحظة ولادتها وحتى يومنا هذا وعليه قام هؤلاء الميامين ومباشرة عقب لقائهم الأسبوعي مع الههم بالهجوم على الأقباط وحرق بيوتهم ومحالهم التجارية في تنفيذ عملي وملموس لما طلبه إلههم منهم في صريح كتابه الموجه إليهم بأن قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولايحرمون ماحرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون
سألتني تلك الفتاة عبر رسالتها ماذا عسانا فاعلون نحن الأقباط بعد ما حدث ويحدث لنا بشكل يومي؟ وأضافت بأنها وصلت للتو إلى بيتها بعد أن قضت بعض الأعمال خارجا وصادفها مجموعة من الميامين إياهم الذين إنهالوا عليها شتما ولعنا وقد وصموها بالكفر ووعدوها بنار الههم حيث حفلة الشواء البشري التي لا حدود لها. لم يكن هذا كل ما حصل لها فقد باغتها ميمون صغير بدراجته الهوائية وأوقعها أرضها قبل أن تصل إلى بيتها.
في الحقيقة لم أرد على رسالة تلك الفتاة فالرد إن كان لا بد منه يكون تجاه هذا الجيل الدموي الذي يتناسل كل يوم ويرضع من لدن رسالة إلهه جرعات من التحريض على قتل الآخر وإلغائه وإن لم يكن فشتمه والتجاوز عليه وإن لم يكن فابقاء نار الحقد والكره والبغضاء مشتعلة في قلبه تجاه كل من لا يتبع تلك "الفصيلة".
الرد يكون بالصراخ عاليا وتوضيح حقيقة هذا الإله وفضحه وأتباعه، وليس التغطية عليهم بزعم أن هذه الحوادث فردية ولا تمثل حقيقة ذلك الإله وتعاليمه التي ما زال كثيرون يروجون لها، فهذه التعاليم كتبت بالدم منذ اليوم الأول لرؤيتها النور والدم وحده فقط كفيل بإستمراريتها وهو ما هو حاصل في غير مكان من عالمنا اليوم.
الرد يكون بوقفة جماعية تجاه هذه التعاليم والعمل على إلغائها تماما، وإبقاء ما هو شعائري فقط لأن أتباع هذه التعاليم الذين لم تتلوث أياديهم بدماء الغير هم أولئك الذين لا يعرفون من تعاليمهم أكثر من الصلاة والصوم والحج، وهم إن علموا ما تطلبه تلك التعاليم منهم تجاه الآخر المختلف فإنهم فاعلون لا ريب.
يثير غضبي فعلا المطالبين بتغيير المادة الثانية من الدستور المصري والتي تنص على أن الإسلام هو دين الدولة الرسمي والشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، وأسألهم جميعا أقباطا ومسلمين هنا هل يعلم غزاة بمها أي شيء عن هذه المادة؟ وكم شخص من مسلمي مصر وغير مصر أيضا لديهم ثقافة دستورية؟. إن تغيير هذه المادة لن يغير في الواقع شيئا فهذه المادة كتبت في عقول المسلمين قبل أن تجد مكانا لها بين مواد الدستور المصري بمئات السنين وتغيير هذا الواقع بشكل فعلي يتطلب إزالة هذه المادة وغيرها من التعاليم من عقول المسلمين وحينها لن يقدم أو يؤخر في الآمر شيئا إن بقيت في الدستور الورقي أم لم تبقى.
قالت لي الفتاة القبطية في ختام رسالتها بأنها باقية في وطنها فهي تعشق هذا الوطن، وأنا لا أملك إلا أن أصدقها وأشد على يدها بالبقاء هناك حيث وطنها. خصوصا وأني أعلم علم اليقين أن لا قيمة للوطن عند الآخر العربي، لسبب بسيط وهو أن هذا العربي لم يعرف الوطن أصلا، فوطنه كان يوجد حيث تصل حوافر حصانه ممتشقا سيفه في غزوة جديدة لأناس أمنين في أوطانهم إرضاء منه لذلك الإله الذي ألقى على أسماعه أن الأرض كلها هي أرضه والديار هي دياره فليفعل ما يحلو له بها وهو تماما ما حدث بقرية بمها وما سيحدث بغيرها من القرى وما حدث وسيحدث على مساحة الأرض كلها إذا لم يقف العالم بوجه التعاليم التي صنعت غزاة بمها.
حسين ديبان