Print

إعلان دولة الطائفية في مصر   

الفجر


 تقدم ممدوح وشقيقه محمد إلي محكمة الزيتون للأحوال الشخصية بطلب لإشهار إعلام وراثة بعد أن توفيت والدتهما.. وحددت المحكمة جلسة في اليوم التاسع من شهر يونيو الجاري لنظر الطلب في القضية التي أخذت رقم 77 لسنة 2007.

وطبقا للقواعد القانونية فإنه لابد من وجود شاهدين يعرفان المتوفاة وأفراد عائلتها جيدا.. وهو ما جعل ولديها يطلبان من جارهما مجدي لبيب رزيق الذي يقيم معهما في البيت نفسه بالزيتون هو وأسرته منذ أكثر من خمسين سنة أن يكون شاهدا في القضية ولم يتردد الرجل فبينه وبينهما عشرة طويلة.. ومودة.. ورحمة.. كما أنه سبق أن كان شاهدا في قضية مشابهة بعد وفاة والدهما أمام نفس المحكمة من قبل.

قدم ممدوح بطاقة مجدي إلي القاضي فنظر إليه نظرة غير مفهومة وقدم البطاقة إلي كاتب الجلسة الذي قال له: إن شهادة مجدي لا تصلح.. فتعجب ممدوح متسائلا عن السبب.. فكانت الإجابة: لأنه نصراني.. فقال ممدوح: لكننا تربينا معا منذ الصغر.. وأمه بمثابة أمي.. والشقة أمام الشقة.. والحياة واحدة.. مشتركة.. فكان الرد القاطع: لا يجوز شهادة النصراني في مثل هذه القضايا.. فقال ممدوح: لكن مجدي سبق أن شهد في قضية مماثلة عند وفاة والدي.. لكنه.. لم يتلق ما يفيد بتغير الموقف.. وأخيرا سأل وقد بانت عليه علامات الدهشة: هل هذا قانون؟.. هنا كانت الإجابة: لا وإنما شريعة.

ولم يسأل أحد ممن صدموا مما سمعوا: هل الشريعة بمفهومهم تحولت إلي قانون وهل من حق القاضي أن يحكم بما يعتقد ام يحكم بما تحت يده من نصوص وتشريعات قانونية؟.

لم تتردد المحكمة في أن تمنح عائلة المتوفاة فرصة تأجيل القضية للبحث عن شاهد آخر ولكنهم أصروا علي أن مجدي لبيب رزيق هو الأصلح للشهادة ولن يأتوا بأحد يعرف أمهم كما يعرفها هو.. فكان أن قيل له: اذهب واحضر شاهدا من خارج المحكمة ونحن سنوافق علي شهادته.

وتعجب أبناء المتوفاة.. كيف تؤخذ بشهادة من لا يعرفون أمهم وهي في هذه الحالة تكاد تكون شهادة من شخص لا يعرف شيئا وماشافش حاجة؟.. هل هذه هي الشريعة التي يطبقونها؟.. هل ننكر شهادة من يعرف ونأخذ بشهادة من لا يعرف؟.

وفي رسالة بعث بها مجدي لبيب رزيق إلي الفجر قال: إن المثل المصري الدارج يقول إن الجار القريب خير من القريب البعيد لكن.. ذلك المثل الجميل تهاوي أمام عيني بعد ما حدث ما حدث.. لقد أحسست ساعتها أنني مواطن من الدرجة الثانية بل الثالثة ولا أبالغ لو قلت إنني شعرت بأني لا وزن لي في هذا الوطن.

لقد سبق لي الشهادة في قضية إعلام وراثة زوج المتوفاة حيث إني في درجة ابن لهم وذلك بحكم الجيرة التي امتدت لأكثر من خمسين سنة إلا أنني صدمت وصدم معي أخوتي المسلمون جيراني أبناء السيدة المتوفاة لرفض القاضي شهادتي لكوني مسيحيًا أو نصرانيًا أو قبطيًا.. واقترح سيادة المستشار الاستعانة بأحد الشهود من خارج المحكمة إلا أن اخوتي المسلمين رفضوا واعترضوا علي قبول رئيس المحكمة شاهدا لا يعرفهم ورفضه شاهدا يعرفهم.. وكانت النتيجة تأجيل القضية علي جلسة الأسبوع التالي.

إن الطائفية انتقلت من الطريق العام إلي قاعات المحاكم.. والبقية تأتي.. ولن نشعر بالخطر إلا بعد أن نتحول إلي لبنان أو الصومال أو العراق.