H7FJ
دفاعاً عن أقباط المهجر
منير بشاى – لوس أنجلوس

أحاول أن استجمع ما توفر لى من شجاعة لأتعرض إلى هذا الموضوع الحساس. وأخاطر بأن أصرح أننى واحد من هذه الجماعة المثيرة للجدل المسماة "أقباط المهجر". هذه صفة لا أستطيع التنصل منها، حتى إذا أردت، فأنا قبطى وأنا مهاجر، وبالتالى فأنا تلقائياً من أقباط المهجر. ومن ناحية أخرى هى صفة لا أرغب فى أن أتبرأ منها، بل أتجاسر بالقول أننى أفخر بالانتماء لها، لأننا ما ظلمنا أو أسأنا أو أجرمنا فى حق أحد.

وحقيقة إنه يحز فى نفسى أن يوضع أقباط المهجر دائماً فى قفص الاتهام وكنت أتوقع أن يكونوا موضع إعزاز ومدعاة للفخر. فقصص أقباط المهجر تضم آلاف حالات النجاح لأشخاص تركوا وطنهم وذهبوا ليعيشوا فى بلاد بعيدة تخالفهم فى العادات والتقاليد واللغة ونظام التعليم والتطبيق ولكنهم استطاعوا حتى مع كبر سنهم أن يتأقلموا ويُنافسوا أهل تلك البلاد ويتفوقوا ويرتقوا إلى قمة السلم. ويكفيهم فخراً أن هذه الجالية التى لا يزيد تاريخها فى الولايات المتحدة عن نصف قرن أصبحت أكثر الجاليات نجاحاً فقد وضعها تقرير نُشر فى الكتاب الشهير "المليونير الذى يسكن إلى جوارك" فى المرتبة الثانية مباشرة بعد الجالية اليهودية.
ولا أدرى لماذا يحلو لبعض كُتابنا فى مصر أن يلصقوا الكثير من التهم بأقباط المهجر مثل تهمة الخيانة والعمالة. وأظن أننى كمهاجر لمدى نحو أربعة عقود على علم ببواطن الأمور بالنسبة لما يدور حولى ومع ذلك لا أدرى ما هو أساس هذه المزاعم السخيفة. وأرجح أنه خيال خصب مشبع بالريبة وسوء النية وافتراض نظرية المؤامرة فى كل شئ وكل إنسان. بل ربما تكون فرصة مواتية للبعض أن يجدوا كبش فداء يلومونه على كل المشاكل التى تعانيها مصر.
ومع ذلك لا أدعى القداسة ولا أفترض الكمال فى كل أقباط المهجر فالكمال لله وحده. وبالمثل لا يستطيع أحد أن يُعمم فيفترض الخير كله أو الشر كله بالنسبة لجميع المصريين فى الداخل أو الخارج. فالمشكلة هى فى التعميم ووضع الجميع فى سلة واحدة. وقد عبَّر عن هذا قداسة البابا فى الاجابة عن سؤال فى الموضوع إذ قال: "إنه من الخطأ النظر إلى أقباط المهجر على أنهم جماعة سياسية ذات رأى واحد فهناك غالبية من المعتدلين وقلة محدودة من المتطرفين، ولكن فى أحيان كثيرة يكون القلة ذات صوت أعلى فتبدو وكأنها الغالبية".
ولا أنكر أن هناك قلة من أقباط المهجر تنقصهم الحكمة والحنكة السياسية ويتصرفون بعاطفة هوجاء ولا يفكرون فيما يفعلون أو يقولون وما إذا كان يضر أو يفيد. وهم لا يتورعون عن توجيه النقد الجارح والإهانة لكل من يعارضهم حتى لرموز الكنيسة ذاتها وكل من لا يتفق معهم فى الأسلوب من الأقباط. كما أن هناك من يستغل القضية القبطية ومأساة الملايين لتحقيق الشهرة الشخصية والصعود إلى مركز النجومية. وهناك أيضاً من يستغل القضية لتصفية حساباته الشخصية وليس لأنه تهمه المصلحة العامة. وهذه ليست مشكلة الأقباط وحدهم فإننا نرى باستمرار ما يدور بين المسلمين فى العالم العربى وآخرها ما حدث بين حماس وفتح.
ولكن المشكلة أن كتابنا يتصيدون عيوب هذه الأقلية ثم يضخمونها ويعممونها على الجميع. أحياناً يفعلون ذلك عن جهل وبحسن نية. وأحياناً أخرى عن نية خبيثة وعمد مع سبق الاصرار بقصد تشويه سمعة الشرفاء المخلصين.
دفاعاً عن هذه الغالبية المعتدلة والمظلومة والتى يشرفنى أن أكون واحداً منها. رأيت أن أكتب لأضع النقاط فوق الحروف وأعرض المبادئ التى نؤمن بها والقواعد التى تحكمنا حتى يفهم المخلصون حقيقة الأمر وحتى نفوِّت على الحاقدين أى فرصة لتشويه سمعتنا. بالنيابة عن أقباط المهجر الذين يبلغون نحو 2 مليون نسمة أؤكد أن:
(1) أقباط المهجر يعيشون الآن فى بلاد مختلفة ويحملون جنسياتها. ولكن ما يجمعهم أنهم يفخرون بأنهم مصريون أولاً يكنون الوفاء لوطنهم الأم، وتربطهم بمصر علاقة حب أبدية لا تنفصم.
(2) أقباط المهجر يرفضون أى اتصالات بجهات معادية لمصر حتى وإن كان هدف هذه الاتصالات خير يمكن أن يعود على الأقباط. إن خير الأقباط لا يمكن أن ينفصل عن خير مصر. كما أن الغاية لا تبرر الوسيلة.
(3) مطالب أقباط المهجر هى أن يعيش أقباط مصر فى مساواة كاملة فى الحقوق والواجبات مع المسلمين شركائهم فى الوطن وفى أى مكان يشاءون داخل مصر وطنهم منذ الأجداد. الدين لله والوطن للجميع.
(4) أقباط المهجر يؤمنون بمصر وطن موحد لجميع المصريين، مسلمين ومسيحيين، إن أى محاولة لتقسيم مصر فضلاً عن أنها غير واقعية فهى مرفوضة شكلاً وموضوعاً.
(5) أقباط المهجر جماعة مسالمة غير عسكرية وسائلها هى المطالبة بحقوق الأقباط بالطرق السلمية المشروعة البعيدة عن العنف.
(6) يفضل أقباط المهجر أن يتم علاج القضية القبطية داخل البيت المصرى ويسعون لذلك أولاً. ولكن هذا لا يلغى حقهم المشروع أن يلتمسوا الضغوط العالمية المشروعة للوصول إلى الهدف فى ظل مبدأ عالمية حقوق الإنسان.
(7) أقباط المهجر يموُّلون نشاطهم بأموال قبطية ويرفضون أى مساعدات مالية من جهات مشبوهة تعمل ضد صالح مصر.
(8) نشاط أقباط المهجر تطوعى اختيارى لا يهدف للربح أو الكسب المالى أو الارتزاق على حساب القضية.
(9) أقباط المهجر يحترمون الكنيسة ويخضعون لها دينياً. ولكنهم لا يتدخلون فى المسائل العقائدية للكنيسة. كما أن الكنيسة لا تتدخل فى نشاطهم السياسى الذى يتحملون وحدهم مسئوليته.
(10) أقباط المهجر لا يعنيهم الخلافات الدينية الطائفية بينهم ولا يدخلون فى الجدل العقائدى الذى يتركونه لعلاقة الإنسان مع ربه.


2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com