أقباط مصر بين الاندماج و العزلة

الحركات الاسلامية في مصر: وماذا عن الاقباط؟


الاقباط في مصر يشعرون انهم ضحايا لقمع منهجي ويعتقدون أنهم يتعرضون لاضطهاد مماثل لما تعرض له المسيحيون الاوائل.

ميدل ايست اونلاين
القاهرة - من باكينام عامر في كفاحهم ضد ما يوصف بالتحامل أو حتى الاضطهاد الصريح يبدو أن قسما كبيرا من أقباط مصر قد وجدوا الملاذ في الكنيسة حيث يصلون ويتعبدون وينفثون عن غضبهم أيضا.

 

بعد عظة الاربعاء بكاتدرائية سان مارك في القاهرة يأخذ البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية في تلقي الاسئلة والاستماع إلى شكاوى رعاياه الاقباط. وغالبا ما يستقبل بالزغاريد و تقابل مداخلاته بالغناء والتحية ويشير عدد من المصلين إليه بوصفه "رئيس جمهورية الاقباط".

 

 

والكنيسة القبطية المصرية واحدة من أقدم الكنائس في العالم وهى تمثل غالبية المسيحيين الذين يعيشون في البلاد. وكلمة قبطي مأخوذة من الكلمة اليونانية ايجبتوس التي تعني مصر وهكذا فان كلمة قبطي بحسب التعريف تعني سكان البلاد الاصليين.

 

ونسبة الاقباط في مصر بالنسبة للعدد الاجمالي للسكان كانت محل جدل كبير مؤخرا حيث تزعم بعض المصادر الاسلامية أنها لا تتعدى 5 في المئة وفي المقابل فان ثمة مصادر قبطية تصل بهذه النسبة إلى 20 في المئة.

 

ومؤخرا ابلغ أسقف قبطي المصلين في احدى كنائس القاهرة أن عدد الاقباط اليوم يتراوح بين 10 ملايين و15 مليونا من مجموع سكان مصر الذي بلغ نحو 79 مليونا بحسب إحصاء عام 2006.

 

ومن الغريب أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء لم يكشف عن الارقام الخاصة بعدد المسيحيين منذ عام 1986. وعقب الاعلان عن أرقام إحصاء عام 2006 سئل رئيس الجهاز عن هذه المسألة فأجاب بان الارقام تركت طي الكتمان بهدف "عدم إغضاب احد".

 

والاقليات الدينية في مصر وتضم المسيحيين بالاساس تمارس حقوقها الدينية دون مضايقات حادة بشكل عام وان كان الامر يختلف من عهد لاخر.

 

فعقب فتح مصر عام 642 ميلاية وطوال العصور الوسطى فان حرية العبادة لما يطلق عليه في الادبيات الاسلامية باهل الذمة (وهم سكان البلاد من غير المسلمين) تفاوتت درجتها بحسب هوية الحاكم.

 

ففي القرن الـ 11 الميلادي وتحت قيادة الحاكم بأمر الله الخليفة الفاطمي الذي يري المصريون المحدثون انه كان مختل عقليا يقال انه أمر بتدمير غالبية الكنائس والمعابد اليهودية في مصر وسوريا وفلسطين ثم عاد في وقت لاحق وأمر بإعادة بنائها.

 

وعندما خضعت مصر للحكم العثماني عام 1517 عمل العثمانيون على تنظيم عملية بناء دور العبادة لغير المسلمين ومن ثم أصدر السلطان المرسوم أو الخط (القانون) الهمايوني الذي لا يزال معمولا به حتى يومنا هذا بعد إدخال بعض التعديلات عليه.

 

وعلى مدى الاعوام الـ 35 الماضية والمطالب لا تنقطع من جانب عدد كبير من الاقباط فضلا عن مسلمين أيضا – ومنذ وقوع أول صدام بين المسلمين والاقباط بسبب بناء الكنائس عام 1972 – بقانون جديد موحد لبناء دور العبادة كافة. وتم تقديم مشروع قانون بهذا الشأن إلى مجلس الشعب المصري ( البرلمان) ومن المتوقع أن يري النور عقب عطلة البرلمان الصيفية.

 

لكن يثور التساؤل الان عن السبب وراء ازدياد التوتر على مدى تلك الاعوام.

 

يزعم عدد كبير من العلمانيين المصريين انه بدأ في ظل حكم الرئيس السابق انور السادات الذي أعلن انه رئيس مسلم لشعب مسلم. كان السادات يسعى لنيل دعم جماعة الاخوان المسلمين – على حد قولهم – ومن اجل استرضائها قام بإدخال مادة في الدستور تنص على أن الشريعة الاسلامية هي المصدر الاساسي للتشريع وذلك بديلا عن مادة سابقة تقول أنها فقط احد مصادر التشريع.

 

بيد أن ثمة مراقبين آخرين يزعمون أن فكرة "تعايش المسلمين والمسيحيين عبر القرون" هي ببساطة غير حقيقية.

 

يقول الاسقف مرقص عزيز زكريا كاهن الكنيسة المعلقة في حي مصر القديمة في القاهرة "إن تاريخ الاقباط ملئ بالاضطهاد. ولم تكن الاوقات الهادئة إلا استثناء من هذا.

 

وأضاف الاسقف "الاقباط اليوم يعانون من اضطهاد شامل وعلينا ألا نجمل الحقيقة. والامور تزداد سوءا والدولة لا تتحرك قيد أنملة. والشباب المسيحي بدأ يستيقظ ويتعامل بشكل مباشر مع هذا الوضع".

 

ويعتقد عدد كبير من المراقبين ومن بينهم خبراء مسيحيين أن صراع النظام على السلطة مع جماعة الاخوان المسلمين يقيد يداه. ومع اجتياح موجة من الصحوة الاسلامية البلاد فان النظام يتنافس على الشرعية مع الاخوان المسلمين ولا يريد أن يبدو اقل "إسلامية".

 

وهذا هو الحال بالتأكيد عندما يتعلق الامر بقضية بناء كنائس جديدة أو حتى ترميم القديم منها. فالقوانين سالفة الذكر المتعلقة ببناء وترميم دور العبادة تحمل قيودا شديدة.

 

فمثلا من المحظور بناء الكنائس بالقرب من المناطق الاستراتيجية. فالكنيسة لا بد أن تكون بعيدة عن النيل والجداول والمصارف المائية وألا تكون بجوار كنيسة أو مسجد آخر أو محطة للسكك الحديدية أو المعالم الهامة أو ممتلكات حكومية. أما عملية إعادة بناء كنيسة فانه يلزم إبراز حق الملكية حتى لو كانت الكنيسة شيدت قبل مئات السنين. كما أن موافقة سلطات الامن مطلوبة عادة وفي حالات عديدة لا تمنح هذه السلطات التصريح المطلوب خشية إغضاب المتعصبين الاسلاميين. يقول يوسف سيدهم رئيس تحرير صحيفة وطني المعنية بشئون الاقباط "تقييد بناء الكنائس بهذا الاسلوب أمر يبعث على الغثيان. بعض المتعصبين الاسلاميين يريدون تدمير الكنائس".

 

يقول منير فخري عبد النور العضو البارز بحزب الوفد "أستطيع أن أعطي مئات الامثلة على كنائس لم تمنح لها تصاريح بالترميم رغم أنها كانت في اشد الاحتياج إليها. وثمة كنائس آيلة للسقوط ومع هذا لم يمنح لها تصريح لأسباب امنية".

 

والي جانب النزاعات بشان الكنائس فان الاقباط بداوا في الآونة الاخيرة يفسرون أي حادث عنف في إطار حرب تشن على دينهم. وبالتالي فإنهم راحوا يتبنون "ثقافة الاستشهاد " بحسب رفيق حبيب وهو احد المراجع في الشئون القبطية وهو نفسه مسيحيا وان كان ينتمي إلى الطائفة الانجيلية التي تشكل أقلية بين المسيحيين في مصر .

 

ويري بعض الاقباط اليوم في أنفسهم ضحايا لقمع منهجي ويعتقدون أنهم يتعرضون لاضطهاد مماثل لما تعرض له المسيحيون الاوائل. يقول حبيب "إن هذه الثقافة تمثل خطرا كامنا".

 

في منتدى على موقع الاقباط الاحرار على الانترنت نشر كاتب اسماء ضحايا مسيحيين لمصادمات داخلية في مصر ووصف الضحايا بـ "الشهداء".

 

لكن ثمة أقباط آخرين يرفضون اعتبار "التمييز" السبب الوحيد لغضب الاقباط". ويعزو الاب صفوت البياضي المشكلات إلى "معاناة الشعب ككل".

 

يقول البياضي "الشباب فاض به الكيل وهو عاجز عن الكلام علانية. إنهم يعانون من الفقر والبطالة لذا فإنهم يحاربون بعضهم البعض". كما انه يلوم رجال الدين في الكنائس والمساجد على الاسلوب الناري الذي يستخدمونه في خطبهم ومواعظهم حيث يستغلون معاناة الشباب في اثارة المشكلات وكسب التأييد الشعبي.

 

ويتابع البياضي ان الشاب يجلس في مسجد أو كنيسة وهو يعتقد ان الامام أو القس يقول كلمة الله . ويردف "إذا قال له رجل الدين اقتل فلانا فانه ربما لا يتردد في تنفيذ الامر".


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com