al masri alyom

ضُباط المسجد

   حمدى رزق

لا أتعاطي مقالات الأستاذ فهمي هويدي الأسبوعية في «الأهرام»، لأنها مثل الشواء، رائحته نفاذة. لا أحب الكباب المصنوع من لحم البشر، وتستهويني مقالاته اليومية في «الدستور»، لأنه يغتسل فيها من ذنوب الكتابة في «الأهرام».

بعون الله، انتصر الأستاذ فهمي علي كتيبة من الضباط السابقين «المحالين للتقاعد» في معركة مسجد البدروم ـ تحت العمارة التي يسكنها ـ وبعد تسوية سلمية أملي شروط الكتاب المنتصرين علي الضباط المنهزمين بألا يستخدموا ميكروفون البدروم إلا في رفع الأذان، وكفي المؤمنين شر القتال.


ما كتبه الأستاذ في «الدستور» يوم الجمعة الماضي عن تفاصيل معركة البدروم يبز كتابة العلمانيين الذين يطاردهم برصاص قلمه، والأمنيين الذين يفضحهم بطلقات مداده في «الأهرام». تجاوز الأستاذ كل السقوف، يا خبر أسود، هويدي أبلغ عن مسجد يذكر فيه (اسم الله)، فقط لأن ضباطه - لاحظ ضباطه وإلام يرمي من تسريب تلك المعلومة - يرفعون الأذان، وينقلون صلاة العشاء وتواشيح الفجر في بث حي مباشر، يزعج الأستاذ ويعطله عن الذود عن الإسلام والناس نيام.


لو كتب أحدهم ما كتبه فهمي تحت عنوان «متدينون وأجلاف» لاتهمه فهمي نفسه بالعلمانية، أو بالأمنية علي أقل تقدير، ولأعلن تعاطفه مع ضباط المسجد، أنار الله قلوبهم وثبت خطاهم في تنشيط دور المسجد وإثبات حضوره القوي في الحي الذي يسكنه الأستاذ.


لا أعرف كيف طاوع الأستاذ قلبه أن يطلب منع بث درس المغرب من البدروم. طيب والدعوة الإسلامية تطلع منين، الدعوة تحتاج إلي المسجد والزاوية والبدروم والروف في تناغم دعوي فريد، وميكروفون يزعق من أعلي لإعلاء صوت الحق في الأزقة والحواري.. ياعباد الله وحدوا الله. ليس معني أن الأستاذ فهمي حول بيته إلي مكتب ليدافع عن الذين آمنوا أن يكف بقية الإخوة عن الدعوة. الأدوار تتكامل يا أستاذنا، أنت تزعق بقلمك، وهم يزعقون بالميكروفونات.


أستغرب منك، هؤلاء إخوانك، ملح الأرض، وقود الدعوة، تربيتك وصناعة يديك، وقراء مقالاتك الأسبوعية، هؤلاء من كنت تدافع عنهم ليل نهار، ضد العلمانيين والكفرة وبتوع لاظوغلي، وعن حقهم في تحويل البدرومات والجراجات إلي زوايا ومساجد، وحقهم في الدعوة بالميكروفونات من أقصي المدينة إلي أقصاها، والتظاهر يوم الجمعة في الجامع الأزهر، والأمر بالمعروف فينا والنهي عن المنكر فينا.. طبعا كنت تتصور أنك وزمرتك من حليقي الذقون، التي تتضوع بالعطور الفواحة، خارج السياق.


الأستاذ يفرق في مقاله بين تدين راق يمس القلوب بالذوق الرفيع والبدل والكرافتات الشيك وارد باريس، وتدين يتسم بالغلظة والجلافة وقلة الذوق، التي تحتمي بالمقدس لتدوس علي مشاعر الآخرين. إسلام الجلابيب الوهابية، لا فارق، إنك لمن المتدثرين. ما يجري تكامل أدوار وللدقة توزيعها. الأستاذ يكتب، والأجلاف يفسرون ويفتون ويخططون وينفذون وإذا استحكم الأمر، أحيانا، يراجعون ـ من المراجعات ـ وما كفروه، وما اغتالوه، ولكن شبه لهم السادات، فعادوا ليقولوا شهيدا والأستاذ علي ما يقولون شهيد.


من يوقد نارا تحرقه، ومن يستحضر عفريتا في البدروم يركبه من الميكروفون، لن أعود لنصوص ما كتبت تجهيزا لهؤلاء، وأستنكف منك وصفهم مهما علت ميكروفوناتهم بالأجلاف.. حد يصف جيرانه وإخوانه في الله بهذا الوصف الذي ينم عن جلافة في التعبير. خانتك العبارة يامولانا، ما هم بأجلاف إنهم ضحايا، ضحاياك. يشمون رائحة الشواء من بعيد، يتحولون لأسود ضارية تتلمظ إلي الوليمة.


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com