al masri alyom 

سيد القمني يكتب: حوار مفتوح.. مع «أبوالفتوح» «٣ــــ ٥»

٤/٨/٢٠٠٧ 

يتابع القطب الإخواني عبد المنعم أبو الفتوح مبررًا فشل التجارب الإسلامية الحديثة في إقامة دول إسلامية قوية، أو ديمقراطية، بقوله: «حسب المبدأ الديمقراطي.. ليس غريبًا أن يفشل الإسلاميون هنا أو هناك مثل غيرهم، فليس عيبًا أن يفشل فصيل إسلامي فيأتي فصيل آخر،

لأن العبرة بالمبادئ والقيم وليس بالبشر، وأن الإخوان ليسوا كغيرهم من الفصائل التي تكفر المجتمع»، وهو قول يعني أن المبادئ والقيم تقتصر علي الإسلام والإخوان باعتبارهم حماته والمتحدثين باسمه، ويعني أيضًا اعتراف الإخوان بأنهم بشر يخطئون ويصيبون، وفي حال فشل فصيل في الحكم لا يعني فشلهم مطلقًا، بل يمكن أن يأتي فصيل آخر وينجح حسب المبدأ الديمقراطي، ثم يميز بين فصيله وبقية فصائل الإسلام السياسي بأن الإخوان ليسوا كغيرهم من الفصائل التي تكفر المجتمع، وبذلك فهم ليسوا ضد المجتمع ولا الديمقراطية، ومن ثم يحق لهم الانخراط في العملية السياسية.

إخواننا الإخوان لا يروننا دولة عمرها المؤسسي، سياسيا واقتصاديا وقيميا وقانونيا، يمتد لأكثر من عشرة آلاف عام إلي الوراء، فهذا تاريخ يستحيي منه الإخوان، لأنه تاريخ قوم وثنيين وغير عرب وغير مسلمين، لذلك لا تجد له أي ذكر في أدبياتهم أو أي اعتبار، باعتباره شيئًا غير موجود، وباعتبار أن تاريخ مصر يبدأ من وفود الجيوش العربية فاتحة لها.

الإخوان لا يرون بأسًا في إخضاعنا لعمليات تجريب ووضعنا حقل تجارب لجهلاء السياسة وأغبياء الاقتصاد، ويعطون هذا الحق لأنفسهم بعد أن قصروا المبادئ والقيم علي التجربة الإسلامية، منكرين علي البشرية كلها مبادئها وقيمها قبل الإسلام وبعد الإسلام، بل منكرين علي الأنبياء السابقين أن يكون لهم مبادئ وقيم كما للتجربة الإسلامية.

القيمة التي يركز عليها الإخوان هذه الأيام هي الديمقراطية والحريات، وهو ما يجعل المسلم البسيط يتساءل: إذا كانت الحريات كما نعرفها اليوم، وإذا كانت الديمقراطية السياسية من قيم الإسلام ومبادئه، وأن لها أسسًا إسلامية في ديننا أيا كانت التسميات «شوري بيعة،...» فلماذا لم يطبقها أبو بكر أو عمر أو عثمان أو علي أو معاوية، وهم كبار الصحابة وملوك الإمبراطورية في عزها ومجدها؟

إن الديمقراطية هي تداول السلطة بشكل سلمي، فلماذا لا يذكر لنا أبو الفتوح خليفة واحدًا تولي الحكم ديمقراطيا منذ ظهر الإسلام وحتي سقوط دولة طالبان غير مأسوف علي شبابها، أو هل كان الولاة يتم اختيارهم من قبل أهالي الأقاليم؟ إن هذا كلام يفضح تمسك أبو الفتوح وإخوانه بالفلسفة العربية للفتوحات التي لم تعرف للبشر حقوقًا ولا كرامة، وتبعًا لها تحول الناس الأحرار في بلادهم بعد الفتوحات إلي عبيد وموالٍ وأهل ذمة وسبايا، عليهم دفع الأموال للفاتحين، ولا مساواة، ولا أي حقوق.

 فشريعتنا تنص علي عدم قتل المسلم بذمي، فلا يلزمه سوي الدية بل نصف دية المسلم، يعني العربي يقتل عشرة ذميين ويدفع قيمتهم، هذه هي المبادئ والقيم التي تخبرنا بها التجربة الإسلامية وشرائع الإسلام. إنها فلسفة السيد المالك والعبد المملوك، كلام أبو الفتوح فلسفة تحمل بداخلها وتستبطن الاحتقار العربي القديم للمفتوحين ولكن في صورة حديثة، ألا تراه لا يجد مانعًا مطلقًا من جعلنا فئران تجارب لورثة السيادة العربية، يفشل فصيل فيأتي غيره؟

ثم ألا ترون تكلم أبي الفتوح وإخوانه عن دولة إسلامية عتيقة بدائية برطانة الدولة القومية المعاصرة، يحدثوننا عن الحرية والمساواة والديمقراطية والمدنية، وهو ما يعني أن الإخوان يكتشفون لنا اليوم مشروعًا إسلاميا للحكم بعد مرور أربعة عشر قرنًا وثلث قرن علي ظهور الإسلام!!

أين كان المسلمون يوم دخلت أوروبا عصر النهضة والتنوير لتبدأ علي الأرض العصر الصناعي وزمن الديمقراطية؟ أين كانوا وماذا غيبهم عن حضور هذا المشروع والمساهمة فيه والاستفادة منه؟

وإذا كان من غير الغريب أن يفشل الإسلاميون في الحكم، فلماذا نتحمل هؤلاء الفشلة بعد مرور أربعة عشر قرنًا وثلث القرن من الفشل المتواصل، في إقامة العدل والحرية والمساواة وإحقاق حقوق الإنسان وكرامة بني آدم؟ لماذا نتحمل هؤلاء وأمامنا ما هو مؤكد، النجاح في بلاد الغرب الحر، أو لنطل في المنور المجاور فقط!!

إن أسلوب أبي الفتوح إضافة لكذبه علي الذات وعلي المسلمين وتضمنه حديث السيد للرعية، فهو أسلوب خال من الذوق، وخال من المسؤولية.

فهو يتضمن ازدراء واستهانة بنا وبأمتنا المصرية التي تحضرت من فجر البشرية، محققة سبقها بلا منازع أو زاعم. إن نصوص هذه الحضارة سجلتها الكتب المقدسة جميعًا، إن فجر الضمير الأخلاقي القيمي كان هناك علي اتفاق بين المؤرخين.

حديثه عن فشل فصيل ليأتي فصيل يعني تناوب الفشلة علي حكمنا، وهو حديث بدوي بدائي يتهاون في مخاطبة أهله وناسه، فيخاطبهم خطاب السيد للرعية، وهم أهل الدولة وأصحابها وأول من وضع لها في التاريخ نظامًا مؤسساتيًا هرميًا بيروقراطيًا من عشرات القرون.

إن قوله إن العبرة بالمبادئ والقيم التي هم حراسها، يعني أننا قبل الغزو العربي الاستيطاني لم نكن نعرف الضمير أو الأخلاق أو القيم أو البعث والحساب، وكلها مدونات مصرية قديمة محفورة في مختلف متاحف العالم، عرفنا المساواة مبكرين لأنه لم يكن عندنا فقه حنفي أو حنبلي في أصول العبودية، فلم يكن عندنا حر ولا مملوك ولا ذمي ولا جارية ولا أم ولد، كانت حرية العبادة مكفولة لكل مواطن، وفي دولتنا المسلمة الحالية وكما يري أبو الفتوح، فإن حرية العبادة مفقودة، كما هي مفقودة في مشروع الإخوان البديل لحكمنا كعبيد لورثة الفاتحين.

وفي إنكار أن يكون الإخوان كبقية الفرق ممن يكفرون المجتمع، واستنكارًا لهذا التكفير، يؤكد: إننا نحن الإخوان لسنا كبقية الفرق التي تكفر المجتمع.

إذن ماذا يعني اسمكم العلم (الإخوان المسلمون)؟ ألا يعني أنكم الإخوان المسلمون، وأننا وبقية شعب مصر المسلم الطيب من غير المسلمين، يعني كلنا (الإخوان الكافرين)؟! أليس اسمكم وحده تكفيرًا علنيا واضحًا لكل شعب مصر؟

اللهو الخفي في مضامين كلام أبي الفتوح، أنه يري أنهم عندما يصلون إلي السلطة فلن يكون هناك أحزاب أخري تخوض المعركة الديمقراطية للوصول إلي الحكم، لأنه كما قال في فلتة لسانية: «ليس غريبًا أن يفشل فصيل إسلامي فيأتي فصيل آخر»، والمعني أنهم عندما يصلون إلي الحكم سيكون تداول السلطة بين الفصائل الإسلامية وحدها. يفشل فصيل فيأتي فصيل، هذا كلامه هو وليس كلام غيره.

هل تسمعون يا أهل مصر؟ هل ترون إلي أين يأخذكم الإخوان؟


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com