Print
لا ياعوا 00 إنها مصرنا ولن نتركها أبدا !!
 القس رفعت فكري سعيد
راعي الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف شبرا مصر
طالعتنا جريدة الوفد في عددها الأسبوعي 1178 يوم الخميس 28 سبتمبر 2006 بحوار مطول أجراه الأستاذ عماد الغزالي مع الدكتور محمد سليم العوا وقد طغت تصريحات بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر عن الإسلام على الحوار فوصف العوا البابا بأنه رجل مجرم ودعا تركيا إلى عدم استقباله كذلك تمنى الدكتور ألا يذهب البابا لتركيا خشية أن يحدث ما لا تحمد عقباه

   هذا فضلا عن مقاطعة الفاتيكان ووقف أية حوارات معها وبالطبع من حق الدكتور العوا أن يقاطع وأن يقول في شخص البابا ما يشاء ففي ظل غياب الموضوعية وفي عدم انتهاج المنهج العلمي في مواجهة الفكر بالفكر ومجابهة الرأي بالرأي لابديل عن المقاطعة والمساس بالأشخاص واستخدام أسلوب التحريض ضدهم وعلى أية حال فموقف العوا من البابا لا يهمنا ومن حقه أن يسبغ عليه ما شاء من صفات أما مايهمنا بالدرجة الأولى هو ما تفوه به العوا عن الكنيسة الإنجيلية ففي معرض حديثه تعرض لموقف الكنائس المصرية وتحدث بلهجة حادة تتضمن تهديدا بالطرد وهو يتحدث تحديدا عن الكنيسة الإنجيلية فقال مانصه ( أما صمت الكنيسة البروتستانتية فلا أفهمه إذ كان ينبغي عليها أن تصدر ما يؤكد موقفها بوضوح لأن هذه الكنيسة تقول إنها تعتز بصداقات كثيرة جدا مع المسلمين وأنا منهم ولدي صداقات مع كثيرين منهم لكن حين تأتي المحنة ولا نراهم قد وقفوا معنا فينبغي أن نثير علامة استفهام كبرى والذي يريد أن يبقى في هذا الوطن فلابد أن يقف الجزء منه مع سائر أجزائه تماما كما نفعل نحن إزاء ما يتعرض له اخواننا المسيحيون فحين يهان رمز من رموز المسيحية أو يتعرض مسيحي لظلم إداري بسبب دينه نحن من يتصدى للدفاع عنه وحين يأتي رد الفعل المسيحي أقل مما نتوقعه إذن فثمة مشكلة ) وما قاله سيادة الدكتور رجل القانون  يحتاج إلى بعض الملاحظات التي أرجو أن يتسع صدره لها :-

أولا :- إن الطائفة الإنجيلية لها مواقفها الواضحة والصريحة في كل ما يجري من حولنا من أحداث وسيادة رئيس الطائفة الدكتور القس صفوت نجيب البياضي لا يألوا جهدا ولا  يتأخر أبدا عن  إصدار البيانات التي تعبر عن رأي الكنيسة بوضوح فإبان تصريحات البابا بنديكتوس السادس عشر أصدرت الطائفة الإنجيلية بيانا بتاريخ 17/9/2006 أدانت فيه هذه التصريحات هذا نصه "بشأن ما أذيع عن إعلان بابا الفاتيكان في محاضراته من إساءة على مشاعر اخوتنا المسلمين في العالم العربي أجمع، فإننا نود أن نعلن موقفنا المبدئي، والذي يتمثل في احترام عقائد الآخرين الدينية. وكما أننا ننتظر ونتوقع من الآخرين أن يحترموا عقائدنا، فعلينا أن نبدأ بأنفسنا بتقدير واحترام عقائد وممارسات الآخرين الدينية، تأسيساً على قول السيد المسيح: "وكما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضاً بهم".

وإننا باسم الكنائس الإنجيلية المصرية وباسم الإنجيليين في الشرق الأوسط نرفض الإساءة إلى مشاعر اخوتنا المسلمين. وندعو الجميع أن يتجنبوا كل أساليب الإثارة والتحريض حرصاً على الوحدة الوطنية. كما إننا ندعو من جميع الأطراف إلى التحرك الإيجابي نحو خلق جو من الثقة والتفاهم. وإننا ندعو جميع المجالس المسكونية للكنائس في الشرق الأوسط – وفي العالم أجمع – للاتصال بالفاتيكان، لنقل مشاعر وآراء كنائسنا، تضامناً مع مشاعر أخوتنا الأعزاء من المسلمين في العالم. وإننا ندعو الله أن يحفظ بلادنا في سلام واستقرار وفي جو يسوده التسامح والإخاء، لنقدم للعالم صورة رائعة لحضارتنا التليدة ووحدتنا الفريدة.

كان هذا هو نص بيان الطائفة الإنجيلية وقد وقع عليه الدكتور القس صفوت البياضي رئيس الطائفة الإنجيلية ورئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط وعضو اللجنة المركزية بمجلس الكنائس العالمي كما وقع عليه الدكتور القس أندرية زكي رئيس سنودس النيل الإنجيلي ( المجلس الأعلى للكنيسة الإنجيلية بمصر ) ووقع عليه القس جورج شاكر راعي الكنيسة الإنجيلية بسيدي بشر بالإسكندرية ونائب رئيس مجلس كنائس كل أفريقيا وهذا البيان نشرته معظم الصحف المصرية هذا فضلا عن العديد من التصريحات المتعددة والمقالات المختلفة - التي نددت بالإساءة إلى الأديان وبتصريحات البابا - التي كتبها قسوس إنجيليين مثل الدكتور القس إكرام لمعي رئيس مجلس الإعلام والنشر بسنودس النيل الإنجيلي وكاتب هذه السطور وقد نشرت هذه المقالات في الصحف المصرية ولكن يبدو أن الدكتور العوا نظرا لمشغولياته الكثيرة ولسفرياته المتعددة لحضور المؤتمرات الإسلامية في الدول البترولية لا يقرأ ما تنشره الصحف من مقالات ومواقف وبيانات واضحة صادرة عن الكنيسة الإنجيلية ولست أظن أن وقت رئاسة الطائفة سيتسع لأن ترسل له بياناتها المتعددة على مكتب سيادته  الخاص !!

ثانيا :- لست أدري ماذا يقصد العوا بالضبط وهو يقول (  والذي يريد أن يبقى في هذا الوطن فلابد أن يقف الجزء منه مع سائر أجزائه تماما ) فهذا الكلام يثير عدة تساؤلات مشروعة يتحتم علينا أن نسألها00 باسم من يتحدث الدكتور العوا ؟ ومن الذي اشترى هذا الوطن وامتلكه وفوض سعادة الدكتور ليتحدث بالنيابة عنه وكأن الوطن أصبح عزبة خاصة يمتلكها العوا يُبقي فيها من يشاء ويطرد منها من يشاء ؟! وإذا كانت الكنيسة الإنجيلية هذه المرة - وفي كل المرات السابقة التي أعلنت فيها رفضها للإساءة لكل الأديان وذلك من منطلق المبادئ والقيم المسيحية السامية - اتفقت مع العوا ومع سائر أجزاء الوطن فهل إذا اختلفت مستقبلا مع سيادته ومع سائر الأجزاء حول أمر ما يتعلق بالمواطنة أو بالمساواة وبعدم التمييز  أو بتعديل الدستور أو أي أمر آخر يصبح لا مكان للإنجيليين داخل هذا الوطن – الذي يظهر على مايبدو أن الدكتور العوا قد اشتراه لحسابه الخاص دون أن ندري - بل عليهم أن يشدوا رحالهم الى الخارج ويرحلوا !!! لا ياعوا 00 لا ياعوا 00لست وحدك في هذا البلد ولست بمفردك مالكا لهذا الوطن إن مصر يمتلكها جميع المصريين مسيحيين ومسلمين  وبقاؤنا في هذا الوطن ليس مرهونا بأن نقف مع سائر أجزائه أو لانقف ولكننا هنا باقون هنا لأننا أصحاب مكان ولسنا وافدين  أن مصر بلدنا ووطننا ونحن لسنا ضيوفا ولاغرباء ولا نازحين من هنا وهناك إنها مصرنا ولن نتركها أبدا سواء أتفقنا مع سعادتك أو إختلفنا سواء أتفقنا مع سائر الأجزاء أو اختلفنا  فمن حقنا أن نختلف ومن حقنا أن نعبر عن رفضنا الكامل لكل الأفكار الظلامية والتحريضية والرافضة للآخر الديني المغاير من حقنا أن ندافع عن حرية التعبير وعن حقوق الإنسان وعن حرية الاعتقاد  إنها مصرنا وسنبقى فيها إلى الأبد لأننا مواطنون لا رعايا 00 سنبقى فيها لأننا مسيحيون لا ذميون سنبقى فيها لأن نيلها يجري في عروقنا وسندفن فيها لأننا نعشق ثراها لن نتركها أبدا لأنها مصرنا مصرنا مصرنا !!! أما إذا كان الدكتور العوا قال هذه العبارة ظنا منه أن الكنيسة الإنجيلية هي غرسة غربية في شرقنا فنحن نؤكد له أن الكنيسة الإنجيلية هي كنيسة مصرية وطنية تدافع بقوة عن القضايا الوطنية والعربية إنها نبتة مصرية وليست غرسة غربية ومن ثم فهي باقية في هذا الوطن لأنها نبتت في ترابه وارتوت من نيله  والتحفت بسمائه وأثمرت وأينعت في ربوعه !!

إن الكنيسة الإنجيلية تقف في خندق التنوير مع كافة المسلمين التنويرين الرافضين للتمييز بين شركاء الوطن  تقف الكنيسة مع إخوانها منددة بالأفكار الظلامية الهدامة التي تحض على الكراهية داعية للمواطنة الكاملة غير المنقوصة مدافعة عن حقوق الإنسان ولا سيما حرية العبادة وحرية الاعتقاد ونحن نتمنى أن يقف الدكتور العوا مع التنويريين في نفس الخندق !!

ثالثا :- كنت أتمنى من الدكتور العوا وهو يقول إن له صداقات كثيرة مع كثيرين من الإنجيليين أن يستفسر من أحد أصدقائه الإنجيليين عن موقفهم من تصريحات البابا بينديكتوس وأن يسأل هل صدر بيان من رئاسة الطائفة أم لا ؟ كان عليه أن يسأل ويستفسر أولا بدلا من أن يظن السوء في إخوانه وأصدقائه ويحرض علنا على طردهم من وطنهم . إن المحبة الحقيقية ياحضرة الدكتور لا تظن السوء في الآخرين والصداقة المخلصة تنفي كل شك في مواقف الآخرين أما إذا كانت المحبة شكلية ظاهرية وإذا كانت الصداقة نفعية فلا غرابة من ركل الصديق وطرده من الوطن طالما لا يوجد من ورائه نفع أو فائدة !!!

وختاما 00 ياحضرة العوا إنني أدعوك مخلصا لأن تكف عن العويل وأن تعود إلى أفكارك التنويرية السابقة أدعوك لأن تكف عن  تهييج الجماهير وإثارة مشاعرها بنشر الأفكار التحريضية في وسائل الإعلام المختلفة ضد الآخر الديني المغاير .. إنني أدعوك إلى نشر قيم الحب والتسامح وقبول الآخر فمصرنا في هذه المرحلة الحرجة من تاريخها أحوج ما تكون إلى هذا الخطاب ولك أن تعلم علم اليقين أن الكنيسة الإنجيلية المصرية تقف إلى جانب المسلمين شركاء الوطن لا خشية من أحد ولا خوف من أن يطردها أحد خارج الوطن بل إنه موقف أصيل نابع من مبادئ مسيحية أصيلة سامية ومن ضمير مسيحي حي وسواء أعجبك موقفنا أو أغضبك  فمصر وطننا ومن ثم فنحن لا نقبل تهديدا أو وعيدا من أحد لا تصريحا ولا تلميحا !!!    

 


__,_._,___