Print

 أضواء على جذور التطرف الاسلامي في مصر15

رداً على أكاذيب مؤلفي كتاب «الإسلام وتهذيب الحروب»
وكنت واحداً من هؤلاء الذين يرتدون البدلة فوق الجلباب، أي هؤلاء الكذابين التقويين المخادعين، الذين يظهرون للناس بخلاف ما يبطنون، وأعني بهم أعضاء وقيادات الأجنحة الإعلامية للجماعات الإسلامية المصرية على اختلاف مشاربها ومسمياتها وأشكالها وتوجهاتها
وهنا أحب أن أؤكد للقراء على حقيقة هامة جداً عايشتها بنفسي طوال فترة علاقتي بهذه الأجنحة والتي امتدت لأكثر من عشر سنوات (1976 – 1987).
يتبع



وهي الفترة التي شهدت أولى قطفات الحصاد المر الذي زرعه الرئيس "المؤمن" محمد أنور السادات بعد سبعة شهور فقط من توليه الحكم عقب وفاة عبد الناصر في 28 – 12 – 1970عندما أصدر عفوه عن الشيخ حسن الهضيبي (أول مرشد عام للإخوان خلفاً لمؤسسه حسن البنا، وثان أهم وأخطر قيادات الإخوان من بعده) في يوليو 1971، ضمن صفقة سرية مع السعودية، تقتضي بالإفراج عن كل قيادات وكوادر الإخوان من السجون، واطلاق العنان لهم للعمل الإسلامي العلني، بمقابل حصول نظام السادات على معونات سعودية ضخمة،وحصوله على دعم من الإخوان في تأسيس الجماعة الإسلامية في الجامعات المصرية، تنفيذاً لرغبة النظام في التخلص من فلول التيار الناصري، والشيوعي.

وهذا ما حدث بالفعل، فبعد الإفراج عن الهضيبي، أفرج السادات عن بقية قيادات وأعضاء الإخوان، وكان من بينهم وحوش آدمية، من شاكلة المهندس شكري أحمد مصطفى (أبو سعد) مؤسس جماعة المسلمين والمعروفة اعلامياً بجماعة التكفير والهجرة، والذي كان إخوانجياً صميماً، ولذلك تم اعتقاله مع قيادات الإخوان سنة1960، لكنه كان مسلماً نقياً فهم الإسلام كما هو بدون تجميل، لذلك رأيناه يشذ عن تقويتهم الإسلاموية، مفضلاً الجهاد الإسلامي الحربي المباشر، أي التكفير والقتل والسلب والاغتصاب، اقتداءً ببعض السلف النازحين من هضاب وشعاب مكة، وكانوا بدائيين همجيين لا يجيدون شيئاً في الحياة إلا القتل والسلب والنهب وممارسة الجنس، فاقتدى بهم، وأعلن تكفيره لكل من يخالف نقاوة الإسلام كما هو لا كما يريده المسلمون التجميليون التقويون، لذلك رأيناه بعد الإفراج عنه يقوم بتكوين جماعة خطرة من الشباب، ارتكبت العديد من الجرائم، فأعيد القبض عليه هو وجماعته في 26 أكتوبر 1973م أي بعد الإفراج عنه مع قيادات الإخوان بأقل من سنتين، وقدموا للمحاكمة في القضية رقم 618 لسنة 73 أمن دولة عليا. ولكن تدخلت السعودية مرة أخرى بالوساطة لدى السادات الذي كان يتعاطف مع الإسلاميين المتطرفين بحكم تكوينه وتعصبه للإسلام، فأصدر قراراً جمهورياً بالعفو عن شكري، وعن بقية أفراد جماعته، بالرغم من تقارير المخابرات وأمن الدولة التي أفادت بخطورته على النظام لشدة حنينه إلى جهاد العهد المدني، حيث المواجهات المكشوفة، ورفضه تطبيق تقوية (العهد المكي) حيث شعار (اتمسكن لغاية ما تتمكن) رغم ذلك عفا عنه السادات، فخرج مرة ثانية من المعتقل ليواجه الحكومة (المنبطحة)، فاختطف وزير الأوقاف، الشيخ حسين الذهبي، ووضع مسدساً في فمه وأطلق الرصاص عليه، فخرج عن النص، وكان لابد من إزاحته حتى تواصل قافلة مكة المسير تجاه يثرب!

فتم إعدامه، ومعه أربعة من رفاقه الكبار في يوم 30 مارس 1987، وصدرت أحكام متفاوتة على المئات من أتباعه، وخرج هؤلاء الإرهابيون الخطيرون من السجون بعد انقضاء عقوباتهم ليعيثوا في الأرض فساداً وخراباً، وبعضهم أصبح من أعضاء وقيادات الإخوان المسلمين، والجماعة الإسلامية بالصعيد، والجهاد.

وقد تركهم السادات يعملون في نشر الإسلام المتزمت، وترهيب الأقباط، يحركه في ذلك تعصبه الشديد للإسلام، فهو كان من أبرز الذين يرتدون البدلة فوق الجلباب.

وهنا أحب التأكيد على أن السادات هو أول رئيس مصري يدشن عهد التقية الحكومي بشكل رسمي، وأنه كان إسلاموياً شديد الإخلاص لدينه ،حتى كادت تقويته أن تنافس تقوية وخبث ابن تيمية نفسه وخصوصاً فيما يتعلق بوجوب الاستعانة بالمكر والخديعة لنصرة الإسلام.

وهو الأمر الذي استدركه غالبية القادة التاريخيين للجماعة الإسلامية فعدلوا عن تكفيرهم له، وأسبغوا عليه لقب (شهيد محتسب عند الله)!

خصوصاً وهو كان أول رئيس مصري يأمر بإذاعة الآذان في أوقات الصلاة في التليفزيون، وأقال أحد وزرائه لتعديه على أحد الشيوخ، وكان يغلب على خطاباته الطابع الإسلامي، وهو أيضاً أول من تولى منصب السكرتير العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي عقب تأسيسه،وهو الذي قضى على النظام الشيوعي (الكافر) لمخالفته الشريعة الإسلامية، وكان يناقش مع مستشاريه كيفية تطبيقها، وقد حاول ذلك مراراً وتكراراً، حتى أنه أصدر قرار بالفعل بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على الأقباط، وكادت أن تطبق بالفعل، لولا الموقف الصلب الذي اتخذه قداسة البابا، ومعه المجمع المقدس،الذي أبلغ الحكومة بأنه سوف يعلن دخول الأقباط في مرحلة الاستشهاد العام، في حال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية عليهم، والتي كان المراد منها أسلمتهم.

وكان معنى ذلك أن كل قبطي يوافق على أحكام الشريعة ولا يعلن رفضه لها حتى الاستشهاد يعتبر مرتداً. وقد تأكدت أجهزة المخابرات، وأمن الدولة، من حقيقة تأهب غالبية الأقباط لقبول الاستشهاد توافقاً مع قرار المجمع المقدس، الذي وجد ترحيباً لدى الإكليروس والشعب، فارتعب السادات، وسحب القرار، ولم يلغه، بل قرر تأجيل تطبيقه لحين اتيان الظرف الدولي الملائم.

وهذا ما لا يعرفه غالبية الأقباط، والدولة في مضايقتها للكنيسة، تقوم بالتلويح بعرض نص هذا القرار على مجلس الشعب لينال موافقة الأعضاء، وكما هو متوقع في مثل هذه الأحوال فالموافقة ستكون بالإجماع، أو بنسبة لا تقل عن 95% في أحسن الأحوال.
وهذا قليل مما فعله السادات انطلاقاً من تعصبه للإسلام، حتى شهد له خصومه، فيقول القرضاوي:

(وللإنصاف فقد أسهمت الدولة في انطلاق هذه الصحوة بسماحها للتيارات الإسلامية بالعمل في حرية ودون قيود، وسايرت شعارات الدولة هذا المد الإسلامي؛ فاتخذ السادات لدولته شعار "دولة العلم والإيمان"، وكان يعلن أنه "رئيس مسلم لدولة مسلمة"..)
وكان ذلك إيذاناً ببدء أسلمة الشارع المصري، فلولا قيامه بإخراج الإخوان من السجن الحربي، ما كانت مصر قد تأسلمت وتأرهبت بهذا الشكل القميء،لأن السعودية أسرعت باستضافة أغلبهم، لتعوضهم عن سنوات السجن التي قضوها في عهد عبد الناصر (الكافر) ولإمدادهم بالاموال، والتوكيلات التجارية، ثم أعادتهم مرة ثانية لمصر، ومعهم عناصر من أبرز قياداتهم الذين كانوا يقيمون فيها منذ الخمسينيات هرباً من ملاحقة عبد الناصر لهم بسبب محاولتهم لاغتياله والتآمر عليه، وكانت السعودية قد وضعت جامعة "المدينة" تحت تصرفهم، فحدث تزاوج بين الإخوان وبين الوهابية.
وعاد هؤلاء وأولئك إلى مصر حاملين معهم مشروع أسلمة الشارع المصري على الطريقة (الوهاب / إخوانجية) فضاعت مصر وتقهقرت إلى الخلف.

وقد تزامن انضمامي للجماعات، مع عودة الإخوان إلى نشاطهم العلني، وأصبح في الإمكان إصدار مجلتهم القنبلة (الدعوة)، وانتشار أعضاء الجماعات الإسلامية المتنوعة "ظاهرياً" في كل مكان، حتى أنك كنت تجدهم في كل جامع ومسجد وزاوية، من الإسكندرية إلى أسوان، وكانوا يتنازعون مع الأئمة التقليدين، الذين كانوا سرعان ما ينسحبون من أمامهم خوفاً، مخلين لهم منابرهم، ليبثوا سمومهم في نفوس البسطاء والمحبطين، فضلاً على تجوالهم في الأرياف ضمن ما كانوا يطلقون عليه (قوافل الدعوة) وكان السادات يسمع، فيفرح، ويقول للأمن: "اتركوهم يدعون باسم الله!!!" ولأنه كان رجل تقوي من طراز فريد، فلقد ألف فصول هذه المسرحية مع الشيخ التلمساني: (إذ تظاهر بوجود خلاف حاد بينه وبين المرشد العام للإخوان على خلفية معاهدة كامب ديفيد، فدعا إلى عقد لقاء في الإسماعيلية يضم القيادات الإسلامية في مصر تحت مسمى (ندوة الفكر الإسلامي) وكان ذلك في شهر رمضان عام79 ودعا إليها التلمساني، ووجه له، ولتنظيمه، عدة اتهامات بالتخريب والعمالة)

"للسعودية بعد انقضاء شهر العسل بينه وبينها بسبب كامب ديفيد"، واتهمه أيضاً بإثارة الطلبة وإشعال الفتنة الطائفية.. وعلى غير المتوقع، فلقد طلب التلمساني من السادات إتاحته فرصة للرد، فسمح له السادات بذلك! وهو الذي لم يكن يسمح لأحد يراجعه في شيء، فوقف الشيخ التلمساني أمامه وقال له بجراءة تقوييه:

"لو أن غيرك وجه إليّ مثل هذه التهم لشكوته إليك، أما وأنت يا محمد يا أنور يا سادات صاحبها، فإني أشكوك إلى أحكم الحاكمين وأعدل العادلين، لقد آذيتني يا رجل، وقد أَلزم الفراش أسابيع من وقع ما سمعته منك".

واستدلت الستائر مع مشهد السادات وهو يقول له:

(إنني لم أقصد الإساءة إلى الأستاذ عمر ولا إلى الإخوان المسلمين.. اسحب شكواك.."، فأجابه التلمساني بأنها رفعت إلى من لا أستطيع استرداد ما وضعته بين يديه)!!
فتأثر السادات، وبعد انتهاء الاجتماع أرسل له وزير الأوقاف (عبد المنعم النمر) ووزير الثقافة والإعلام (منصور حسن) لاسترضائه، وطلبا منهما ابلاغه بأنه لم يقصد الإساءة إلى شخصه وسيحدد موعداً لمقابلته. والتقى به بالفعل في استراحة القناطر في ديسمبر 1979م

ويقول التلمساني: (لا يفوتني أن أذكر - إنصافاً للسادات - يوم أن قابلته باستراحة القناطر الخيرية أنني وجدت أمامه مجموعة من أعداد مجلة الدعوة، وأخبرني أن الإسرائيليين يشكون ويحتجون على هذه الحملات الإخوانية، فأجبته بأن معارضتي لمعاهدة السلام والتطبيع وموقف إسرائيل بأجمعه مبعثه ديني محض، ولا علاقة له بما يسمونه سياسة دولية أو غير دولية، وأن ديني يحتم عليّ أن أستمر في هذه الحملة حتى تنجلي الغمة. وراعني حقاً أن الرجل بعد الاستماع إليّ قال لي بمنتهى الصراحة والوضوح والرضا: اكتب. ولن أنساها للسادات ما حييت رغم ما لقيته منه يرحمني ويرحمه الله).
هذا هو الوجه الحقيقي للسادات، الرئيس المؤمن، الرئيس المسلم على دولة مسلمة، وهذه هي حقيقة علاقته الحميمة بالإخوان، والذين قاموا برد الجميل له عقب خروجهم من السجن من خلال مساعدته في تأسيس الجماعة الإسلامية المتطرفة، لاستخدامها في ضرب مناوئيه من الناصريين، والشيوعيين.

لكن سرعان ما نما لهذه الجماعة أنياب حادة طويلة نهشت جسم الحكومة نفسه بعدما بادلتها اللعب التقوي، فاعتمدت الأسلوب العنقودي، وتوهت الحكومة في زحام رهيب من أسماء جماعات العنف والإرهاب، تكفير وهجرة ،والسماويين ،والشوقيين،والناجون من النار، والجهاد، وطلائع الفتح، والتبليغ والدعوة الخ.
بجانب الجماعة الأصلية، والتي مدت ذراعيها إلى كل ربوع مصر.
وهنا أحب أن أؤكد لكم على هذه الحقيقة الهامة:
1 - لا توجد أي فوارق تذكر بين كل هذه التيارات الإسلامية في مشروعية الكذب لتحقيق أهدافهم.

وكل ما هنالك يوجد لكل تيار جهازه الإعلامي التقوي الخاص به، والذي يعمل وفقاً للتقية التي تناسب مرحلته، فكل مرحلة لها تقويتها الخاصة بها.
2 - تعدد أسماء هذه الجماعات لا يعني وجود أية خلافات جوهرية بينهم، بل هي مجرد أسماء حركية متعددة (لزوم التقية) لتشتيت الأنظار عن جماعة إسلامية إرهابية أصولية دولية واحدة، وهي جماعة (الإخوان / وهابية) وقد حاولت العديد من أجهزة مكافحة الإرهاب الدولي في الدول الغربية الوصول إلى الرأس الكبيرة لهذه الجماعة الخطرة فوجدت نفسها تدور في حلقات مفرغة، وتصطدم بحقائق مرعبة لا تستطيع الإفصاح عنها، لوجود شبهات تدور حول بعض الرؤساء والملوك، وأصحاب الشركات العالمية، والشخصيات الدولية العامة، من الموالين والداعمين لها، ولكن بطرق غير مباشرة وفي غاية الذكاء والتعقيد، بحيث أنها لا تترك أي أدلة تثبت ادانتها وتورطها، فهي ليست مجرد جماعات إرهابية، بقدر ما هي حكومات إرهابية تتخذ التقية، وأنها نجحت في شراء ذمم الكثيرين من النافذين في الغرب على كافة المستويات ومن كل التخصصات، بما فيهم بعض رجال الكنائس الغربية من مختلف الطوائف، فهي مافيا عالمية يترأسها الشيطان نفسه، ولهذه المافيا الإسلاموية العالمية أكثر من 120 فرع في جميع أنحاء العالم، وتقوم بتنسيق وتوزيع الأدوار على أجنحتها المتعددة بغية تضليل العالم، وتشتيت جهود أجهزة المخابرات، ومكافحة الإرهاب في عمليات التتبع المعقدة بهدف الوصول إلى المنبع، والدليل على ذلك هو أن كل هذه الجماعات بالرغم من مختلف مسمياتها وتوجهاتها إلا أنها ترتوي من بئر إرهابي واحد، ولها مرجعية واحدة، ومصدر تمويلي واحد، يأتي من نبع واحد، لكنه متعدد العيون.
3 – جميعهم يتفقون اتفاقاً تاماً على ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الوجود المسيحي، وعلى أسلمة بقية دول العالم بالقوة، وتخريب كل منجزاته الحضارية، وتطبيق النموذج الإسلامي الذي كان سائداً قبل 14 قرناً من الزمان، حيث الغزوات، والسلب، والنهب، وسبي النساء والغلمان للاستمتاع الحرام بهم، وتحويلهم إلى إماء وعبيد.

وأشهد أمام الله، أنني كنت أسمعهم وهم يقولون: متى نتمكن من تطبيق شرع الله حتى نستمتع بنساء النصارى!!

ولم تكن المسألة مقصورة على تعطشهم الجنسي فحسب، بل كان لها أبعاد أخرى تتعلق بأمرين:
الأول:
لرغبتهم الجارفة في ممارسة الجنس الإفتراسي، والذي يروي ساديتهم المريضة الكامنة بداخلهم، وهذا لا يتم إلا من خلال اغتصاب فتاة صغيرة ضعيفة مختطفة مسلوبة الحرية والإرادة، ومغلوبة على أمرها، خصوصاً وأن دموعها واستغاثتها وتوسلاتها للمغتصب ليرحمها، تساهم في تحقيق رجولته المفقودة أمام أي امرأة حرة وناضجة وتملك زمام أمرها.... وإن كانوا لا يزالوا يفعلوها حتى اليوم مع نسائهم فيما لو كان رجالهم من المختلفين معهم في التوجه، فيكفروهم ويحللوا دماؤهم وأموالهم وأعراضهم، كما حدث سابقاً في الجزائر، ولا يزال يحدث حتى اليوم في العراق، ودار فور، وبعض مناطق من باكستان، ونيجيريا، وإندونيسيا ،والفلبين.

كما أنهم يمارسون اغتصاب الفتيات والأطفال والنساء على نطاق واسع جداً داخل العديد من بلدانهم، وهي من الأمور المسكوت عنها، لكن إحصائيات مراكز حماية المرأة والطفل تؤكد تفشي هذه الظاهرة الشيطانية في مصر والسعودية وباكستان والمغرب والجزائر والسودان والكويت وموريتانيا، والأردن، ومع مسلمين ومسلمات مثلهم، بل ومع محارمهم، وبدوافع شهوانية/ جنائية بحتة، ونتج عن ذلك ملايين الأطفال اللقطاء مجهولي النسب، ومئات الآلاف من الشواذ جنسياً، ومثلهم من العاهرات.

الثاني: لتوكيد نصرتهم وعلوهم على النصارى، للمضاعفة من آلامهم عن طريق إذلالهم بهذه الطريقة المشينة، والتي تؤدي إلى كسر عزيمتهم، وتحطيم معنوياتهم، ونكس رؤوسهم في التراب. وهي تدخل ضمن نطاق الحرب المعنوية، وقد تم تقنينها في "يثرب" منذ 1400 سنة مضت، مما دفع القبائل العربية إلى المسارعة في طلب الانضمام للإسلام، حفاظاً على أعراضهم من التدنيس. كما أنه يعد من أحد أبرز وسائلهم في ترهيب الغير، لدفعهم إلى الهرب، واخلاء المناطق منهم، كما يحدث الآن في مصر على نطاق محدود، وبطريقة محسوبة ومدروسة، بغرض الضغط على قيادات الكنيسة لإرغامها على سحب أي طلبات حقوقية لشعبهم، وتقوم مباحث أمن الدولة بتنفيذ توجهات الحكومة بواسطة شيوخ متطرفين، وجانحين جنائيين، وبعض العاطلين والفاشلين ممن لديهم القدرة على التغرير بالفتيات الجاهلات، خصوصاً اللواتي يعانين من تفكك أسري أو فشل زوجي.
3 - جميعهم يعملون بمبدأ (التقية)، لتحقيق مقاصدهم، ومن بينها، التدريب على السلاح وتخزينه انتظاراً لأول فرصة تتاح لهم للانقضاض على النظام الحاكم، رغم أنه لا يقل عنهم إرهاباً وتطرفاً لكنه يختلف عنهم في ممارسة تقيته بطريقة أكثر اتقاناً منهم، وأشد خبثاً، وأعني بها طريقة البدلة والكرافت، وليس بطريقة السروال الأفغاني المكشوف، ولا بطريقة شكري مصطفى.
وعندما انضممت إلى هذه الجماعات في عام 1976، كنت مجرد ذئباً صغيراً (16 سنة) يبحث له عن مكان وسط الذئاب الكبيرة التي كانت تتولى قيادة الجماعات الإسلامية والتي كانت آنذاك مجرد مجموعات صغيرة متفرقة، كل مجموعة منها تعمل وفق توجهات قائدها، ولم تكن الجماعة الإسلامية (التي وحدت كل هذه الجماعات) قد ولدت بعد، حتى عاصرت مولدها بعد سنتين، وبالتحديد في شهر مارس 1978 حينما بويع ناجح إبراهيم (وكان لم يزل طالباً في كلية الطب) أميراً للجماعة الإسلامية في صعيد مصر، انطلاقاً من جامعة اسيوط، وكان جل قيادات الجماعة حالياً، هم من صغار السن مثلي فناجح كان يكبرني بأربع سنوات فقط، وعصام دربالة بسنتين، وعلي الشريف بثلاثة، وأما كرم زهدي، وفؤاد الدواليبي، وأسامة حافظ، حمدي عبد الرحمن، فكانوا يكبرونني بست سنوات.

وقد تعجبت لأن أربعة منهم من المنيا (كرم،عصام،أسامة فؤاد) وقد تزامن انضمامي للجماعات في أوائل 76 بتوجيه ضربة قوية لتنظيم الجهاد في الإسكندرية والذي كان معروف آنذاك باسم (تنظيم سالم الرحال الأردني)، ولكن بالرغم من ذلك، فلم يخف تواجدنا من الإسكندرية، حتى أقمنا معسكراً صيفياً في العام التالي، وكنت لا زلت لا أعرف شيئاُ عن التقية، لأنه كان لا يزال عندي بقية من الضمير تجعلني أميل طبيعياً إلى المواجهة المكشوفة، وليس إلى الخداع، على هذا كنت سعيداً جداً عندما تم اختياري للتدريب على فن الاشتباك ب بـ "الأيدي"كمرحلة تمهيدية تناسب سني، وحداثة عهدي بهم، حتى متى كبرت ووثقوا بي يسمحون لي بالتدريب على استخدام السلاح الأبيض والجنازير، ثم السلاح الناري، ولكن حي هو الرب الذي حفظني من العنف منذ فجر شبابي، إذ جعل قائد المجموعة يستثنيني من التدريبات في اليوم التالي، فلما اعترضت على ذلك، وبكيت أمامه متعللاً باشتياقي الجارف لمقاتلة أعداء الإسلام!، فوجئت به يطيب خاطري، ثم يتنحى بي بعيداً، ويهمس في أذني قائلاً: "اطمئن يا شيخ محمد، فأنت مرشح للقيام بما هو أهم وأخطر من ذلك، فلسوف تنضم إلى الجناح"
(الإعلامي) للجماعة!!!
وهكذا انضممت إلى فريق (التقية) منذ كنت في السابعة عشرة من عمري لأرى بعيني العجب العجاب حيث (حمادة ،وميمي ،وميدو، وتوتو، وشوشو!) فلا مكان هنا للأسماء الخشنة، ولا أثر هنا لقنبلة أو مسدس، أو جنزير، وحيث لا ترى هنا لحية، ولا جلباب، ولا حجاب! وحيث لا مجال لترى أي بلطجي من بلطجية الجماعات، بل كل ما تراه أمامك هو مخملي ناعم، بكوات وهوانم وأفندية آخر مودرن، وبليبسوا على الموضة، وأصحاب مزاج وأنس وفرفشة!

وجميعهم يشيدون بالديمقراطية وحقوق الإنسان، ويدافعون عن إسلام الوسطية والاعتدال، ويسوقون ويرجون لنوع آخر من الإسلام أشبه بالمسيحية، حيث المحبة والسلام والتسامح، ويطلقون إدانات لجماعات العنف والتطرف التي أساءت إلى الإسلام السمح الصحيح!

وكدت أن أفقد عقلي، وحدث لي ارتباك ذهني رهيب، فهو ملعوب كبير، هو أكبر خدعة في التاريخ، هو احتيال باسم الدين، واحترت هل أنا في حلم؟ أم في علم؟

حتى بدأت أعي، وأفهم هذا الملعوب الجهنمي الخطير، ولأول مرة أشفق على النصابين الجنائيين في بلادي، الذين يلقى القبض عليهم ومحاكمتهم وسجنهم لقيامهم بالنصب على الآخرين لسلبهم أموالهم، بينما نحن أحرار طلقاء ومعززين ومكرمين، رغم أننا كنا نحتال على ضمائر الناس لنسلبهم أبسط قيم الشرف والصدق والأمانة، حيث نمارس معهم أكبر خدعة في التاريخ، ونسوقهم وراء أكاذيبنا وتقويتنا كما تساق الإبل والأنعام، وكان التبرير الجاهز هو أننا في حالة حرب، والحرب خدعة، ومصالح الإسلام العليا تحتم علينا الكذب والغش والمكر والخداع، والاقتداء بكل ما كان يمارسه السلف في "العهد المكي"، حيث إسطوانات:

"الموعظة الحسنة"، و"جادلهم بالتي هي أحسن"، "ولا إكراه في الدين"، و"لست عليهم بمسيطر"، و"لو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً ،أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"! إلى آخر هذا العهر التقوي في قمة مجونه وتهتكه، وهكذا وجدت نفسي أعيش في عالمين مختلفين متناقضين..