تبس الكفرة

  بقلم   حمدى رزق
  
  ٢٦/ ٢/ ٢٠٠٩

«ما جعلنى أكتب هذه السطور بهدف توضيح الازدواج والتناقض فى مجال السياحة - وهو مجال عملى – وإليكم بعض الأمثلة التى يقوم بها مقدمو الخدمة السياحية.
مثلاً ترى بعض المرشدين السياحيين بعد رجوعهم من الزيارة مع الوفد المرافق له يرفض الجلوس مع السائحين على مائدة الطعام، معللاً ذلك بأنه لا يأكل مع كفرة، خاصة أنهم يشربون الخمر، مقدما فى ذلك بعض الأحاديث النبوية بشكل انتقائى.

وفى ذات الوقت لا مانع من أن يحصل على عمولة من صاحب بازار فى مقابل أنه قد (ورد) له وفد الكفرة!! فهناك موانع يشهد لها الحديث فيما يتعلق بالأكل مع الكفار، أما فيما يتعلق بالعمولة فلا أحاديث ولا هم يحزنون!!
وهو أمر يمارسه من بعد باقى الاستاف (العمال) فى داخل الأوتيل أو المركب السياحى، بل ويفاخر الموظفون فى رفضهم لتقديم الخدمة للسياح الذين يطلبون ما يعتقد الموظف أنه حرام سواء من المشروبات أو المأكولات، بل ويباهى بذلك لأنه تقى ولم يذكر شيئًا عن الراتب الذى يحصل عليه دون أن يقوم بعمله والأكثر من ذلك أنه يقبل «التبس» أو البقشيش دون غضاضة ويتذمر إن كان أقل من توقعه!
هذا عن موظفى المطعم والبار، أما عن عمال النظافة داخل الحجرات (الهاوس كيبنج) فيقومون بما هو أغرب على الإطلاق فبرغم ما يدعيه من تقوى وأمانة وسرعة فى إقامة فرض الصلاة ولو كان فى حجرة الزبون فإنه لا يرى غضاضة فى سرقة القرص الأزرق (الفياجرا)!
إذا كان هذا يحدث فى قطاع تقديم الخدمة للسياح وهو عندهم أضعف الإيمان، فما بالنا بأقوى الإيمان من هذا النوع، ألم يكن إرهابًا وتفجيرًا كالذى حدث فى الحسين.. انتبهوا أيها السادة».
أعلاه رسالة خطيرة ومروعة من مرشد سياحى مخضرم قضى ثلاثة أرباع عمره يجول بين الأماكن الأثرية يقود وفودا من كل أنحاء العالم، لكنه يرى تلك الأيام ما يفزعه ويفزع الحقل السياحى الحساس لأى هفوة أو فتوى، تخيلوا من يرشد الجروب يعتقد أنهم كفرة، ولا يوءانسهم ولا يصاحبهم ولا يأكل ولا يشرب معهم، لأنهم كفرة فاسقون، ولكن تبسهم وحبوبهم الزرقاء حلال ويستمرئون.
المفزع أكثر أن هذا الاعتقاد بحرمة السياحة يجد مكانه بين المتقدمين إلى العمل فيها، فمن بين ٦٣٩ ألف فتوى عن حكم الإسلام فى السياحة حسب الباحث العالمى «جوجل» يتكرر السؤال عن جواز العمل فى السياحة بنفس الصيغة، والإجابة لا تخرج عن نفس الصيغة.
على موقع الإسلام سؤال: ما حكم العمل فى شركات الطيران والسياحة علما بأننى خريج سياحة وفنادق؟
والإجابة تقول: معلوم أن السياحة، بمعناها المعروف الآن، لا تخلو من الموبقات، من شرب الخمر، والعرى، وسائر البلايا، وليس من شك فى أن العمل فى مثل هذا المجال هو من التعاون على الإثم والعدوان، والركون إلى الفجرة والفسُّاق، وأهل العصيان.
وأيضا فالسياحة قائمة فى أساسها على التنقل بين الأماكن الأثرية التى تستهوى السياح، كديار ثمود، ومعابد الفراعنة ومقابرهم، وهذه أماكن عذاب ولعنة، لا يجوز الدخول فيها والتنزه عندها.
 والخلاصة: أنه لا يجوز العمل فى سياحة ولا غيرها، مما فيه تسهيل مقاصد أهل المعاصى، أو الرضا بمعاصيهم، وإعانتهم عليها، أو ترك الإنكار عليهم مع القدرة، بل من عجز عن تغيير المنكر، أو إنكاره، وجب عليه أن يفارق أهله، لا أن يصاحبهم، ويرشدهم إلى سبيله.


2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com