واحد ... صفر
وتحيه للفنانه الهام شاهين
بقلم حنا زكي
منذ بضعة شهور أرسل الى رجل لامع من مجموعة العلمانيين "ك" رساله على بريدى الابكترونى . وكان فحوى الرساله مقسمه الى جزئين : الاول خاص بهجوم شخص عليه بسبب نقد "ك" لما يحدث فى الكنيسه ورغبته فى عمل تغيير. والثانى خاص بما وصفه بأن الكنيسه تعامل الاقباط معامله غير انسانيه فيما يتعلق بالقيد على الطلاق والزواج الثانى.
كان ردى على تلك الرساله منقسما أيضا الى شقين: الاول أؤكد فيه أنه على كل انسان أن يحترم رأي الآخر أيا كان هذا الرأى. ومن لا يرضى بذلك الرأى عليه أن يقارعه الحجه بالحجه والرأى بالرأى. وأضفت أنه يتعين على كل انسان أن يحترم رأى الأخر فى موضوعيه مطلقه دون اسفاف أو تسفيه. وبالتالى عبرت له عن احترامى بكل ما يبديه من آراء.
أما الشق الثانى وهو المتعلق بالطلاق فقد أجبته بالآتى:
إن ما يسعى اليه أقباط مصر لا نظير له فى العالم. ذلك أنه فى أمريكا, فرنسا , أوروبا ... الخ هناك فصل تام بين الزواج المدنى والزواج الكنسى. فالكاهن يقوم بطقوس الزواج الكنسى وفى نفس الوقت الزواج المدنى. ومن ثم يرسل محضر الزواج الى مصلحة الاحوال الشخصيه وهى جهة مدنيه بطبيعة الحال.
اذا أراد أحد الزوجين الطلاق يمكن أن يلجأ الى المحكمه فتجيبه المحكمه الى طلبه بطبيعة الحال مع ما يتبع ذلك من توزيع للثوره التى تكونت أثناء فترة الزواج... الى أخر الالتزامات التى تنشأ بين الزوجين فى هذه الحاله. واذا فرضنا جدلا أن أحد الزوجين أراد من القاضى المدنى توجيه كنيسته لتسمح له بالزواج الثانى, يجيب القاضى بكل حزم وحسم "لا شأن لنا بأمر الكنيسه من بعيد أو قريب, اذا كنت تريد الزواج ثانيه فالمحاكم المدنيه مفتوحه على مصراعيها فى الزواج والطلاق, أما التدخل فى شأن الكنيسه فهذا ليس محالا فحسب بل مناف للقانون."
أما اذا كان الزوجان لا يريدان الالتزام بالقيود الكنسيه فيتزوجا مدنيا فقط.
وقبل أن استرسل يحضرنى حكم قاضى المحكمه الاداريه العليا الذى أصدر أمرا لقداسة البابا بعقد زواج ثان. طبعا رفض قداسته لأنه لا يملك أى تغيير لأحكام الكتاب المقدس, بل هو حارس لهذه الاحكام. وقد كان هذا الحكم بلا سابقه فى جميع بلدان العالم لأن المحكمه المدنيه لا يجوز أن تتدخل فى شأن المسائل الدينيه.
والذى يحدث بالنسبه للأقباط فى مصر لا مثيل له فى كل بلاد العالم. يتزوج القبطى فى الكنيسه زواجا كنسيا ومدنيا معا. يتولى الكاهن أمر القيد المتعلق بالسجل المدنى. اذا أراد أحد الزوجين الطلاق يذهب الى المحكمه المدنيه ويحصل على الطلاق. ثم يعاود الرغبه فى الزواج مرة أخرى فى الكنيسه. ولكن قانون الكنيسه أنه لا طلاق الا لعلة الزنا. فاذا كان الطلاق لغير علة الزنا فلا تسمح له الكنيسه بالزواج الثانى.
يتمسك المطلق بالزواج الكنسى لأنه شخص متدين. جميل ! أين كان هذا التدين حين طلّق؟ بمعنى أخر هو أو هى تريد أن تعرج على فرقتين... المدنى والكنسى حسب الظروف والاحوال. وهذا لا يوجد فى كل بلاد العالم. إما المدنى على طول الخط إما الكنسى على طول الخط.
هذا الاستطراد المطول كان لا بد منه لتبيان وجود المشكله وأبعاد هذه المشكله. إذن هناك مشكله.
وهذا ما تعرضت له الفنانه الهام شاهين. زوجه مسيحيه مطلقه أحبت شابا, وما لبثت أن حملت منه وهذا محرم فى الاسلام والمسيحيه. ولكن الزوجه المسيحيه المطلقه لا يمكنها أن تتزوج مسيحى أو مسلم, المسيحى لأنها لم تطلق لعلة الزنا, والمسلم لأنه على غير ديانتها. اذا نظرنا للأمر نظره واقعيه نجد أن هناك مشكله. وهذا ما تعرضت له الفنانه الهام شاهين.
لماذا اذن الضجه التى يفتعلها الاقباط؟ إن الفنانه لم تتعرض للدين المسيحى من بعيد أو قريب. بدليل أنها أنهت الروايه دون حل حتى لا تتعرض الى المسائل الدينيه. اذن ما هى جريرتها؟ لفد تعرضت الفنانه لشريحه قائمه فعلا فى المجتمع ... هذا هو الواقع.
كلمه صادقه أقولها لكل المسيحيين: اننا على علم وعلى بينه من المعاناه التى يعانيها اخوتنا المسحيون فى مصر خاصة من المتطرفين. لكن ليس معنى ذلك أن يكون فكرنا متطرفا أيضا بل يتعين أن نكون بالنضج الذى يساعدنا على فصل الغث من الثمين حتى لا نتشبه بالمتطرفين لا قدر الله.
إن الفن لا يكون فنا راقيا الا اذا كان هادفا فيتعرض لقضيه بعينها ويعرضها كما هى, وهذا ما فعلته الفنانه الهام شاهين.
لك كل تحيه أيتها الفنانه وكل تقدير ونرجو لك كل نجاح.
حنا حنا المحامى
This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.