Print

 A letter from "Honesty"

الحقيقة الغائبة عن برنامج الحقيقة

 بالرغم من مرور بعض الوقت على إلقاء الضؤ ونشر تعليقات وكتابة عدة مقالات عن برنامج الحقيقة ومقدمه الإعلامى اللامع والصحفى الشهير الأستاذ وائل الأبراشى – خاصة عن حلقتى البحث عن الحقيقة فى قضية خطف البنات المسلمات وتنصيرهن بواسطة أقباط  ،  .

ردا على (الزعم) الذى يردده البعض بخطف عدة فتيات مسيحيات وأسلمتهن بواسطة إسلاميين – فقد آثرت أن أعود وأكتب فى هذا الخصوص ، فهو حدث لا يجب ان يترك مثله مثل أى حدث يمرعلينا مرور الكرام ، فنثير حوله النقاشات والتعليقات ثم سرعان مايلبث أن يمضى وشأنه حتى تثار قضية أخرى أو حدث تالى

والواقع أننى قد تريثت كثيرا قبل أن أكتب تلك الكلمات منتظرا ان تطل علينا الأحداث بجديد بخصوص هذه القضية ، فلم أجد اى جديد ، وكأنها حلقات من مسلسلات الدراما التلفزيونية المصرية الطويلة المملة وقد اسدلت عليها ستارة النهاية بعد بث الحلقة الأخيرة منها ، والتى فجأة تتجمع فيها كل الحقائق الغائبة ويتحدد مصير كل الخيوط المعلقة وتفسر لنا كل التساؤلات التى طالما تشوق الجمهورعلى مدى الأيام ، طوال الحلقات السابقة، لمعرفتها .. ولكنها حنكة وحرفية المخرج الهمام الذى أبى أن يطلع جمهوره ولو على شريحة رقيقة من الحقيقة ، مفضلا تركه (الجمهور) حائرا تائها مشدودا ومتابعا حتى آخر حلقة لإطلاعه على السر العظيم .. ! هكذا علمونا "إنها الحبكة الدرامية" ..  ولكن وا حسرتاه !  فإن إخفاء الحقائق على مدى طول الحلقات يجعلها مملة ممسوخة مثل كشف الحساب الذى لايحوى أى أرقام ، بينما تعرية كل الحقائق دفعة واحدة فى الحلقة الأخيرة لايقنع سوى الأغبياء وعديمى القدرة على التحليل المنطقى المقنع بأنه فعلا هذه هى الحقيقة !! بالطبع الجمهور المصرى الواعى ليس غبيا لهذه الدرجة ، وإن كان ذلك المخرج النابغة قاده تخطيطه الوصولى بأن يجعل المشاهد متابعا له كل الحلقات فإن النتيجة الحتمية تأتى مخالفة تماما لتوقعاته ، حيث يخذله جمهوره ، فتترك جميع الحلقات بدون مشاهدة وعندما تعرض الحلقة الأخيرة يتجمع الكل لمشاهدتها ، فهى بالنسبة لهم الخلاصة والبهريز والنتيجة التى يبتغون معرفتها دون أى تفاصيل هم فى غنى عنها .

 

ما معنى هذه المقدمة الطويلة وما الفائدة من سردها فى سياق موضوعنا الأساسى ؟؟

فى الواقع يجب ألا يختلف إثنان على إن أساسيات العمل الإعلامى تقوم على مبدأى أمانة الخبر والحيادية فى توصيله ، وهنا لنا وقفة مع الأستاذ وائل الأبراشى مقدم برنامج الحقيقة ، فبالرغم من اسم البرنامج الذى يوحى لمشاهديه بأنه يعنى فى المقام الأول بالبحث عن الحقيقة وكشفها ، فإننى لا أراه – من وجهة نظرى الشخصية – سوى برنامج يقوم بتزييف الحقيقة وتغليفها بغلاف قاتم سميك يحجبها عن الأعين ، بينما يتوه المشاهد عن الحقيقة نفسها حيث يجذبه ذلك الغلاف المصنوع من النقاش الحاد والشوشرة واللغوشة والمناظرة اللاحضارية بل والأهم من ذلك الإلتفاف والتحول عن الهدف الذى تقوم عليه المناقشة ، لنرى ضيوف البرنامج يتحدثون عن تفاصيل أخرى لا تخدم الوصول إلى هذا الهدف المحدد ، وهو المفترض ان يتم بحثه بتلك الحلقة ، والذى قد أعلنه مسبقا مقدم البرنامج الذى نراه (برغم ذكاءه) لا يفطن إلى هذه الورطة ، بل أنه هو الذى يدفع ضيوفه دفعا لهذا التحول ولا أراه يفعل ذلك سوى ((متعمدا)) خلق سيناريو مختلف تماما عن السيناريو المفترض تقديمه متجنبا أن تظهر لنا الحقيقة (الحقيقية) .. !!

 

اوهمنا الأستاذ وائل منذ بداية الحلقة الأولى لهاتين الحلقتين بأن الهدف من وراء تقديمهما هو مناقشة قضية محددة ألا وهى " هل يتم خطف الفتيات المسلمات وتنصيرهن بواسطة أقباط ؟؟ " بالطبع عند الإجابة على هذا السؤال يكون قد تحقق الهدف (كاملا) من الحلقتين ، وبالتالى فقد توصلنا إلى الحقيقة التى نبحث عنها ، وهنا فإنه لا ينبغى مناقشة أى مواضيع جانبية تشتت ذهن المشاهد .. فهل أقتنع أحدنا بأن المناقشة – اقصد تلك المشادة – قد أجابت على ذلك السؤال ؟؟!! هى بالطبع أجابت (بشكل قاطع) على السؤال ولكن أين دور السيد وائل فى إيضاح وتفعيل تلك الإجابة للمشاهد ؟! لقد فجر لنا الإعلامى الشهير وائل الأبراشى من قبل قضية إختطاف الفتيات المسيحيات وأسلمتهن كرها على يد مختطفيهن ، فأدار هذه الحلقات بحرفية شديدة نحو (حقيقة) لا تمثل الواقع ليقنع المشاهد بإن هؤلاء الفتيات لم يتم إختطافهن أو إكراههن على الأسلمة ، بل ذهبن طائعات وراء نداء الحب أو الجنس والغريزة ، بل بالحرى وراء نداء الإيمان بدين الحق دون ضغط أو قهر أو إكراه ، مستخدما للوصول لتلك النتيجة عدة أساليب مهنية يجيدها تماما بإحتراف شديد ، فكان لزاما عليه للى الحقائق وتزوير الواقع أن يركز على أسئلة معينة ويتفادى أخرى ويبرز مشاهد معينة ويتجنب لقطات أخرى مستعينا بمقص المونتاج وتقنيات عديدة سخرت من أجل هذا الغرض الرخيص ، يعضده فى ذلك أشاوس أمن الدولة وفرسانها ..  لقد أثبت لنا هذا أو هكذا توهم ، لكن التشكيك فى إثباتاته الواهية جعله يعدل من منهجه ليقدم لنا صورة مماثلة من الطرف الآخر "حيث المسلمات يختطفن ويتم تنصيرهن على ايدى المتطرفين الأقباط" .. !!

 

 

 وهكذا فقد قدم حلولا مقبولة يرتضى بها أى فريق .. ! فالفريق الذى يقتنع تماما بحقيقة خطف الفتيات المسيحيات ولم تجدى معه طريقة إظهارهن بالدخول فى دين الحق طائعات وغير مخطوفات أو مكرهات ، فعليه أن يتذكر أيضا أنه كما تختطف المسيحيات لأسلمتهن كرها فإنه يوجد أيضا من يختطف المسلمات و تنصيرهن قهرا .. فما المشكلة هنا !!؟ ... أما الفريق الذى إقتنع بعدم خطف المسيحيات بل إن دخولهن الإسلام كان طواعية ، فإن تراءى له بأن هناك من المسلمات من يختطفن بواسطة الأقباط لتنصيرهن (خير وبركة) لأن هؤلاء بالطبع سيشعلونها نارا .. كيف لا يختطف المسيحيات بل يذهبن بإختيارهن بينما المسلمات ، كما تصور الحلقتان الأخيرتان ، يختطفن عنوة لتنصيرهن !!؟؟ فإن لم يبدو لهم أن هناك إختطافا من الطرفين ، وأن كلا من الطرفين يتحول إلى الدين الآخر بدافع الحب أو الزواج ، فما المشكلة هنا (إنها حرية العقيدة) .. !!؟

 

هكذا كانت خطة الأستاذ وائل الأبراشى الجهنمية !! ولكن يالسخرية القدر "فقد تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن" ويضيع حلم وائل فى الإنتصار على فطنة المشاهد .. فكما ذكرت سابقا – بخطأ غير مقصود – بأن المناقشة قد اجابت على السؤال المطروح لتغطية الغرض من هاتين الحلقتين – وتصحيحه هو - بأن "أسماء محمد الخولى" هى التى قد أجابت بصورة قاطعة وواضحة لا يشوبها التردد أو التشكيك على السؤال المطروح ، وكانت الإجابة جلية لا تقبل تضليل أو تأويل "لا لا تختطف الفتيات المسلمات ويجبرن على التنصير، بل يذهبن للمسيحية بمحض ايرادتهن بعد دراسة وتمحيص وتدقيق" هكذا أجابت أسماء بإيرادتها الخالصة دون إملاء أو ضغط من أحد ، بل هى أضافت أنها تعيش الآن بإحدى الدول الأوربية هروبا من طغيان أمن الدولة ، فلو لم يكن خوفها من بطشهم لجاءت إلى مصر لتعلن على الملأ إيمانها بعقيدتها الجديدة التى إختارتها بنفسها !! .. يا لها من هزيمة منكرة لصاحب الخطة الجهنمية ، توقعه فى ورطة لم يخلصه منها سوى الطريقة غير المشرفة التى حول بها الأنظار لتضيع الحقيقة المعلنة وتتشتت الأذهان ولا يجد المشاهد أى جدوى من الإستمرار فى المتابعة ، فلم يكن أمامه سوى حقيقة واحدة "إنها النهاية" التى يجب ان نتقبلها جميعا .. الحلقة الأخيرة من المسلسل الدرامى الطويل وقد أسدل الستار و إنتهى الأمر ، حتى لو تجددت الأحداث وجد فى الأمر جديد فلا داعى لمناقشته أو الإلتفات إليه ، لقد أشبعنا القضية نقاشا وقتلناها بحثا ، وجاءت النهاية (الحلقة الأخيرة) لمن يقتنع بها ، ولمن لا يقتنع فهذا شأنه .

 

سوف نغفر للأستاذ وائل الأبراشى كل ما إقترفه من ذنوب !! سنغفر له لى الحقائق فى حلقاته الأولى من مسلسله الهادف بتبرأة خاطفى الفتيات المسيحيات ، وإظهارالفتيات بالتحول طائعات راغبات .. سوف نغفر له زعمه الغريب بتمثيل الأقباط كخاطفين وذئاب تنهش ضحاياها من الفتيات المسلمات .. سوف نغفر له إصراره (الدائم) على مشاركة (المفكر القبطى) جمال أسعد الحاصل "حصريا" على هذا اللقب دون سواه من الأقباط  .. سوف نغفر له الصورة اللاحضارية التى أخرج لنا بها الحلقة الأخيرة من برنامجه ، التى كاد ضيوف الحلقة أن يتشابكون بالأيدى بعد أن علا صراخهم وتداخلت الكلمات أمام ذهول المشاهدون ، وخاصة ذلك المفكر الفتوة الذى يقاطع الجميع ويكاد يمنعهم من الحديث ، ولا يريد ان يتكلم سواه ليستمتع بحرية مرمطة الدين المسيحى فى الوحل كعادته ، أما الأستاذ وائل الذى يفترض أن يعترض على تلك المهاترات التى قد يشاهدها العالم كله ، فوقف مشجعا بل مشاركا فيها بحمايته الدائمة لمفكر زمانه جمال أسعد ، الذى دأب على تحقير وتسفيه مناظريه وإتهامهم باطلا بإتهمات واهية ، كما انه – السيد وائل – لم يمكن المستشار نجيب جبرائيل بالرد أو الدفاع ..

 

 

سوف نغفر له عدم حياديته كإعلامى محترف يعلم تماما ماهى ألف باء مبادئ الإعلام .. سوف نغفر له أنهاء اللقاء مع أسماء بإيهامنا بإنقطاع الإتصال حتى لا تكشف أسماء مزيدا من الحقائق أمام المشاهد والرأى العام .. بل سوف نغفر له مشاركته لوالد أسماء فى تصوير أسماء بالمختلة عقليا أو المريضة نفسيا ، والتى تحت هذا التأثير أقدمت على إختيارها العقيدة المسيحية ، وكأنها مسلوبة الإرادة لا تعى ما تفعل .. سوف نغفر له الكثير والكثير الذى ذكرنا منه البعض على سبيل المثال وليس الحصر ، فنحن الأقباط علمنا إيماننا التسامح والغفران .. نعم يمكننا أن نغفر للسيد وائل الكثير ، ولكن كيف نغفر له النتيجة التى خرج لنا بها فى نهاية الحلقة بأن يظل السؤال بلا إجابة !! وطالما كانت هذه هى النهاية ، فيجب ألا يعترض أحد على فتح النقاش من جديد حتى لو توالى مسلسل إختطاف الفتيات المسيحيات الذى لا ينتهى ، وحتى لو إشتدت حدته وتسارعت معدلاته!! فكيف لك ياسيدى أن تترك لنا السؤال بدون إجابة ؟  لقد بدأ السؤال بكلمة "هل" فكان لزاما عليك بإجابة تبدأ بكلمة "نعم" أو "لا" .. فهل أنهيت حلقتك سيدى الكريم بأيا منهما ؟! لتقدم للمشاهد الحائر "الحقيقة" عارية بدون مجاملة أو تشويه ، وبحيادية تامة دون تدخل من رأيك الشخصى أو رأى آخر !؟ هل خانتك شجاعتك وأنت الذى تبحث عن الحقيقة أن تعلن لنا الحقيقة ، أو على الأقل (ترددها) بعد أن أعلنتها لك وللكل الفتاة أسماء محمد الخولى التى إخترتها أنت منذ الحلقة الأولى لتمثل إحدى الفتيات المسلمات المختطفات ..

 

 

سيدى الأستاذ وائل مع عظيم إحترامنا لشخصك ، نحن نتهمك بتغطية الحقيقة وإخفائها بل وتزييف الحقيقة ونقلها للمشاهد مشوهة مخالفة للواقع .. بل أنت تقدم حقيقة هى عكس الحقيقة ! لقد بنيت بخيالك فروضا وإعتبرتها أمرا مسلما به ، لقد وضعت فرضا بأن كافة مشاهديك هم من الأغبياء ، لن تسمح لهم عقولهم القاصرة أن يعوا مايدور حولهم ، لكنك سيدى الفاضل تناسيت بأن هناك عشرات بل مئات الآلاف من الأذكياء الذين يستطيعون بكل سهولة أن يستشفوا النتيجة من تسلسل الأحداث ، وأن يقرأوا ما بين السطور !! وإذا كنت سيادتك لا تملك الشجاعة الكافية بطرح الحقيقة "الحقة" ، فإسمح لى من خلال متابعتى لحلقاتك ، وبإعتبارى أحد هؤلاء الأذكياء من مشاهديك أن أعرض لك ما توصلت إليه من حقيقة ، أو قل ماتوصلت إليه من "حقائق" ألخصها لسيادتكم فى النقاط التالية :- 

·    أن هناك من الفتيات والسيدات المسيحيات (إسما) ممن يتركن عقيدتهن وإيمانهن المسيحى من أجل الحب أو الزواج أو أى مغريات أخرى ، ليس ذلك مقصورا على الإناث فقط بل أيضا هناك من الرجال من يفعل ، ونحن الأقباط لا إعتراض لنا على ذلك ، فالدين المسيحى مبنى على حرية العقيدة وهذا أمر فعلى وليس (مجرد كلام) .

 

·    مما لا شك فيه بأن هناك كثير من التكوينات والتنظيمات السرية تعمل بجد ونشاط على خطف البنات المسيحيات وأسلمتهن بعد إرغامهن على الزواج من أشخاص غير مناسبين لهن من المسلمين ، بل إن هذه التنطيمات لم تعد بعد سرية بل هى معروفة تماما لأمن الدولة الذى ثبت تورطه فى غض النظر عن تلك التنظيمات ، بل بالحرى فى مساعدتهم بطريق مباشر وغير مباشر لتحقيق أهدافهم ، مما يوحى لنا بأن ذلك الأمر هو مخطط عام اقليمى على مستوى الدولة ! وهذا ما لا نقبله بإعتبارنا مواطنين وشركاء كاملى الأهلية والمواطنة فى هذا البلد .

 ·    إنه لا توجد ولو حالة واحدة لأختطاف فتاة مسلمة بواسطة مسيحى بغرض تنصيرها ، ولو ثبت ذلك لقامت الدنيا ولم تقعد ، بل سيتم حرق الأقباط أحياء لو ثبت ذلك ، ولكن هناك محاولات مستميته لتصوير البعض للرأى العام بأن ذلك أصبح حقيقة ، والمبرر فى ذلك أنه رد الأقباط على خطف بناتهم تماما كما كان الهدف من حلقات الأستاذ وائل الأبراشى قى برنامجه الحقيقة .

·    تصوير الأقباط فى صورة المنتقم الذى يرد على خطف بناته بخطف البنات المسلمات هى لعبة فى منتهى الخطورة ، ومن يلعبها له هدفان يبغى تحقيقهما ، فالهدف الأول هو التعتيم على أخبار خطف البنات المسيحيات وأسلمتهن، وإمتصاص غضب الأقباط بتقبلهم الوضع نظرا لأن الطرف الأخر لا يسلم أيضا من هذا الخطف ، كما إنه يحفظ ماء الوجه للنظام الذى يتهمه الأقباط بأنه وراء هذا العمل الصبيانى الذى لا يرقى بأن تتبناه الدولة متمثلة فى أمنها المغوار ، أو على الأقل تغض الطرف عنه ، والهدف الثانى يتجلى بوضوح بتحريض عامة المسلمين من الشعب على الثأر من الأقباط  الذين يختطفون بناتهم لتنصيرهن ، والذى يفعل ذلك كأنه "ينفخ فى النار" ، وهى مقولتك الشهيرة يا أستاذ وائل .

 

·    ليس هناك جماعات تبشيرية مسيحية رسمية فى مصر هدفها تنصير المسلمون كما يزعم البعض ، ولكن هذا التحول من مسلمين ومسلمات إلى المسيحية يتم عن قناعة تامة وإيمان خالص نتيجة تعارفهم على الدين المسيحى من خلال أنفتاحنا على العالم الخارجى حيث القنوات الفضائية والإنترنت ، وبالطبع لا يمكن للنظام أن يحجب تلك الوسائل المعرفية عن أعين مواطنيه ، كما أن ظاهرة التنصير ليست مقصورة على جمهوريتنا المصرية دون غيرها ، بل هى ظاهرة تجتاح العالم كله على صعيد كافة الدول ، بما فيها الدول الأكبر إسلاما من دولتنا ، وليس لأقباط مصر فى الداخل أو الخارج أى يد فى ذلك أو فضل .

 

·    الدور المذدوج الذى يلعبه أمن الدولة فى مصر أصبح مكشوفا لكل الأعين ، فهم من ناحية يشجعون على أسلمة الأقباط بكل الوسائل ، فمنها الترغيب ومنها التعذيب ، وبطرق مباشرة وغير مباشرة ، وأشهر تلك الوسائل بات لعبة خطف البنات المسيحيات وأسلمتهن بالتواطؤ مع تنظيمات مشبوهة أنشئات لهذا الغرض ، أو بطريق غير مباشر بغض الطرف عن أعمال تلك التنظيمات وتوفير الحماية لهم ... من ناحية أخرى فهم يراقبون كل مسلم ومسلمة ممن تسول له نفسه مجرد التفكير والنقاش فى مقارنات ومناظرات دينية قد تؤدى فى النهاية إلى إرتدادهم عن الدين الإسلامى وإعتناق المسيحية ، ولو حدث ذلك لبعضهم بالفعل فيقوم فرسان أمن الدولة الشجعان بتعقب هؤلاء الأفراد وملاحقتهم ، وفى حالة الإمساك بهم فغالبا يكون مصيرهم مجهول ، فإما التصفية الجسدية أو الإعتقال وراء الشمس .. هذا الدور المذدوج يوضح للجميع ما يتيحه النظام لمواطنيه من حرية العقيدة التى يتغنون ويتشدقون بها ليلا ونهارا فى جمهورية مصر العنصرية .

 

·    إن مسلسل خطف البنات المسيحيات لن ينتهى فى القريب العاجل ، بل سيستمر ويحتدم سعاره برتم سريع تتسارع معدلاته يوما فيوم ، ولا يرى عاقل هدفا من برنامج مثل برنامج الحقيقة أو الكثير من البرامج المشابهة مع إختلاف أسمائها سوى إشارة البدء فى ترسيخ وتشجيع هذه الظاهرة الخطيرة .. بل إن غاية هؤلاء ترمى إلى إعتياد الأقباط والمسلمين المعتدلين المناهضين لهذه الظاهرة الخطيرة عليها ، وتدجينهم للرضوخ لها والتعايش معها دون التجرؤ على إعلان التمرد عليها أو الإستياء منها !!!

 ·    إن خطورة خطف البنات المسيحييات وإرغامهن عنوة على الإسلام بحجة الزواج من رجال مسلمين لا يعلم آثارها على مستقبل البلاد سوى الله – خاصة بعد إلغاء جلسات النصح التى كانت متبعة من قبل بقرار غير ذى سند قانونى من قبل وزارة الداخلية – فالنفوس ثائرة والشعب القبطى فى حالة غليان على انتهاك أعراضهم ، وتسود فى البلاد حالة من التمزق تدفعه إلى هاوية تناحر عنصرى نحن فى غنى عنه ، فبدلا من تحويل طاقاتنا فى تمزيق البلاد كان بالأولى لنا أن نرصد التنافس الذى يتم بين دول العالم المختلفة للوصول إلى أعلى درجات التقدم والرفاهية ، فالأمم من حولنا فى سباق محموم نحو موطئ قدم لترتقى بشعوبها لحياة أفضل ، بينما نحن وقد تفرغنا لتمزيق بعضنا بعضا ، وإهمال أى إصلاح وتغيير نحتاج إليه و لا نرى له أثرا سوى فى الخطب الرنانة والإعلام المريض ، ومهما كانت كلماتى التى أعترف بأنها قد تصيب قراءها بالملل بسبب إطالتها فى السرد ، فأنى أرى بالرغم من ذلك أننى لم أعطى هذه المشكلة الخطيرة جدا حقها فى البحث والتحذير ، ولم اضعها فى حجمها الحقيقى من أولويات القضية القبطية .  

   و أخيرا بعد هذه الإطالة غير المتعمدة ، أرى من الواجب على أن أطرح سؤالا أخيرا للأستاذ وائل الأبراشى ، الذى كنت أكن له كل إحترام وتقدير ولازلت ، هل ترى تلخيصى لهذه النتائج أو الحقائق تنم عن نبوغ شخصى أو حكمة متفردة أو فطنة عالية قد اتحلى بها ، أم إن كل مالخصته لك من حقائق لاترقى إلى حد البديهيات التي يدركها تماما كل قبطى ترعرع فى هذا الوطن وتمرس على الإضطهاد والقمع بسبب إيمانه ؟؟ .. سيدى الفاضل إن حلقاتك لم تأتى بجديد لنا نحن الأقباط ، ولكننى أرى أن إستنتاج تلك الحقائق التى عددتها لك بأعلى سوف يصل إليها كل عاقل تابع وشاهد حلقات برنامجك الشهير  "الحقيقة" ، حتى لو كان هذا المشاهد يعيش فى كوكب آخر غير عالمنا !! وهكذا فأنى أرى إن برنامجك هذا لم يخدم قضيتك بقدر ما أضر بها ، وأتى بنتيجة عكسية تماما عن المتوقع منه ، كما أنه ضم لصفوفنا الكثير من المسلمين العقلاء ليدافعوا معنا عن الحق رغم إختلاف العقائد .

 والآن وبعد أن ثبت فشل هذا البرنامج "الحقيقة" من تحقيق الهدف منه ، فهل لازلت سيدى الفاضل مصرا على الإستمرار فى تقديمه ؟؟!! .. أرى انه – وهذا أضعف الإيمان – إذا كنت مصرا على الإستمرار فى تقديم هذا البرنامج فعليك بالبحث فى تغيير إسمه ... !!! 

محبة المسيح تكون مع جميعكم ..