Print
جريمة بشعة في أحد أحياء لندن الكبرى أودت بحياة السيدة ليلى رزق
 لندن – اقلاديوس ابراهيم:
Watani

هزت الوجدان الانساني في بريطانيا جريمة قتل بشعة ارتكبها وحش بشري، منزوع القلب والضمير، واحتلت الصدارة في نشرات اخبار تلفزيون وراديو هيئة الاذاعة البريطانية BBC والقناة المستقلة ITV . كما افردت لها الصحف البريطانية مساحات كبيرة أياماً متتالية، منذ وقوعها يوم الاربعاء 29 نوفمبر2006، وتتكهن تقارير التحقيقات الاولية أن القاتل المجرم وجه لكمات قاتلة لرأس الضحية السيدة ليلى رزق في منزلها الكائن بأحد الاحياء الهادئة والراقية بمنطقة كينجستون (جنوب غرب العاصمة لندن).

كما هزت هذه الجريمة أيضاً مشاعر ووجدان المصريين المقيمين في المملكة المتحدة أقباطاً ومسلمين. فالسيدة ليلى رزق مصرية قبطية، كانت مع زوجها رجل الاعمال موريس وابنتها دينا (22 عاما) وابنها تامر (20 عاما) من ابناء كنيسة مار مرقس بلندن، وللاسرة علاقات طيبة مع الجميع، ولدماثتها وذكائها واخلاقها العالية احبت الجميع وأحبها الجميع.
"وطني الدولي" تابعت تفاصيل الجريمة من خلال الاتصالات ومتابعة التغطيات الاعلامية في الصحف البريطانية واتضح أن السيدة ليلى رزق استقلت القطارمساء ذلك الاربعاء المشؤوم عائدة من عملها في "كوفنت جاردن" لتصل الى منطقة "باتني بريدج"، ثم استقلت الاتوبيس الساعة 7:20 مساءً لتكمل رحلة عودتها الى منزلها الكائن في حي "كينجستون"، حيث وصلت الساعة 7:40 مساءً ، وفور وصولها كان القدر متربصاً لها، فلم يستغرق ارتكاب الجريمة سوى نصف ساعة منذ وقت وصولها الى المنزل، ولم يكتشف الأمر إلا عند حضور ابنها وابنتها ومعهما صديق ابنها الطبيب الشاب مينا جرس بعد حوالي ساعة من وقوع الجريمة ليفاجأ الجميع بها ملقية على الارض فاقدة الوعي تماما غارقة في بحيرة من الدماء، وعلى الفور قام الطبيب باجراء الاسعافات الاولية لاستعادة تشغيل ضربات القلب، وتجمع الجيران على صراخ الابناء وقاموا باستدعاء رجال الشرطة والاسعاف الذين حضروا على وجه السرعة، حيث ضربوا طوقاً حول المنزل، وتم نقلها الى مستشفى سان جورج القريب من المنطقة. ولم يستطع طاقم الاطباء انقاذ حياتها رغم كل المحاولات التي بذلوها، ففارقت الحياة في الخامسة من بعد ظهر اليوم التالي.
وساد استياء عام لدى المواطنين في المملكة المتحدة، ظهر في تعليقاتهم على الحادث من خلال التغطية الاعلامية في الصحف والتلفزيون البريطاني، حيث طالب الكثيرون منهم باعادة عقوبة الاعدام، التي اوقفتها بريطانيا منذ خمسينات القرن العشرين. وفيما ألقى البعض اللوم على الحكومة والسياسيين البريطانيين، رجحوا أنه "ربما يتحرك هؤلاء السياسيون للمطالبة باعادة عقوبة الاعدام، اذا تعرض احدهم لمثل هذه الجريمة البشعة".
ورغم ازدياد حوادث القتل في بريطانيا، التي قد تستدعي بالفعل اعادة عقوبة الاعدام، فالأمل يبدو ضعيفاً في اقرارها ، لأن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير نفسه لا يحبذها، وقد ابدى استياءاً ظاهراً من حكم الاعدام الصادر بحق الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، بل وطالب بوقف تنفيذه وتحويله الى السجن المؤبد.
اما جيران السيدة ليلى رزق فقد أصابهم الفزع والرعب خوفاً على أنفسهم من تسرب الجريمة الى منطقتهم الآمنة، كما عبروا عن حزنهم الشديد وتعاطفهم مع الاسرة، التي عاشت بينهم في هدوء ما يقرب من ربع قرن. وقال أحد الجيران "أنهم اسرة مصرية متدينة، يتمتع افرادها بالاناقة وحسن الهندام، ويذهبون الى الكنيسة كل يوم احد.. لذلك أصلي الى الله أن يتم القاء القبض على المجرم القاتل بسرعة".
ويلفت نظر من يعبر أمام منزل الاسرة في شارع "روبن هود لين"، الزهور الكثيرة التي وضعها الجيران وأهالي المنطقة هناك، وهي عادة جيدة لدى البريطانيين، للتعبير عن المشاركة في مشاعر الحزن والألم، عند وقوع مثل هذه الجرائم البشعة.
ومنذ وقوع تلك الجريمة البشعة تحاول وسائل الاعلام التقاط أي معلومة تحقق لها سبقاً صحفياً، لكن رجال الشرطة - الذين قاموا برفع البصمات واجراء التحريات في محاولة للوصول الى القاتل بأي طريقة وبأسرع وقت ممكن - يبذلون كل جهد للحد من فضول الصحافيين، وينصحون المعارف والاصدقاء بعدم الادلاء بأي معلومات عن الاسرة قد تعرقل جهودهم في البحث عن الجاني والقبض عليه.
وفي الوقت نفسه يقوم الجهاز الاعلامي التابع لشرطة اسكوتلنديارد بامداد وسائل الاعلام بالصور والبيانات حتى لا تنشر الصحف معلومات خاطئة من شأنها الاضرار بافراد الاسرة وعرقلة جهودها في القبض على القاتل. وقامت الشرطة بتوزيع صورة مع بيان صادر عن الاسرة على اجهزة الاعلام جاء فيه انهم "فقدوا أماً عظيمة.. ناجحة.. وهي بحق أميرة لا يمكن تعويضها، لم تكن تستحق الموت بهذه الطريقة البشعة، بينما القاتل الشرير مازال طليقاً حراً". لذلك تناشد الشرطة كل من يعرف اي معلومات عن هذه الجريمة الاتصال بها، للوصول الى القاتل والقاء القبض عليه، قبل أن يرتكب جريمة اخرى بحق أحد الابرياء.
وترجح الشرطة - من خلال تحرياتها- ان القاتل تتبع الضحية خلال رحلة عودتها الى منزلها، وفي الوقت نفسه تؤكد مصادر الشرطة أن القاتل لم يستخدم أي آلة حادة في ارتكاب الجريمة، كما انه لم يسرق أياً من محتويات المنزل، وأن الفقيدة، رحمها الله، قاومت المجرم بكل ما أوتيت من قوة، لكن قواها خارت وسقطت مغشياً عليها وسط بحيرة الدماء المتناثرة على الارضية والجدران.
وفي مؤتمر صحفي عبرت دينا ابنة السيدة ليلى عن استياءها واستياء الاسرة من الطريقة البشعة للجريمة التي تركت جرحاً غائراً في نفوس افراد الاسرة، واصابت الاصدقاء وابناء الجالية بالذهول. واضافت بتأثر شديد بأنها "في الوقت الذي تشعر فيه بأنها تخاف من كل شيء، فهي لا تخاف من اي شيء.. فماذا سيحدث اكثر من هذا، فاسوأ شيء يمكن تصوره قد حدث بالفعل؟"
وطالبت دينا خلال المؤتمر الصحفي من كل من لديه معلومات عن هذا القاتل ان يدلي بها للشرطة ليمكن معرفة الدافع من وراء ارتكابه لهذه الجريمة، وليمكن تفادي ارتكابه لجرائم اخرى. ووسط حالة الحزن التي وضحت في نبرات صوتها المتهدج قالت "اتعشم ان يكون ذلك الشخص (القاتل) يسمعني الان ويعرف دمر حياتنا، اتعشم بحق ان يشعر بالاسى والاسف وألا يفعل مثل هذا الشيء مرة اخرى".
كذلك عبر الزوج المتألم موريس عن حزنه على فقدان زوجته وعلى الحالة التي وصلت اليها الحالة الامنية، فعلى حد تعبيره لم يكن ينظر وراءه ابداً عند دخوله المنزل واغلاق الباب خلفه او عندما يقود سيارته خوفاً من أ ي هجوم عليه، اما الان فهو يخشى على حياته وحياة اولاده.
بقى ان نقول أن السيدة ليلى رزق - التي يرقد جثمانها في المستشفى، في انتظار الافراج عنه لتشييع جنازتها، واقامة مراسم طقوس الصلاة عليها ودفنها - هي خريجة الجامعة الامريكية بالقاهرة عام 1975 من قسم الاقتصاد بمرتبة الشراف الاولى، حضرت الى لندن في اواخر السبعينات وعملت في مجالات التسويق والاعلان، وكانت تعمل قبل وقوع الجريمة في شركة متخصصة باعداد افلام لشركات الطيران العربية. وكانت – رحمها الله – في كل مكان تعمل به تثبت كفاءة ومهارة وتنال اعجاب الجميع رؤوساء ومرؤوسين.