تحقيقات

43837

‏السنة 131-العدد

2006

ديسمبر

14

ا

بعد أحداث جامعة الأزهر‏:‏
ميليشيات الإخوان تهدد مستقبل التعليم الجامعي

تحقيق‏:‏جمال الكشكي

ما الذي حدث في جامعة الأزهر الأيام الماضية؟
هل صارت السياسة تمارس بخناجر العنف؟


وما حكاية الميليشيات الإخوانية التي غطت وجوهها بأقنعة وعصبت رءوسها بشارات صامدون وراحت تستعرض مهارتها القتالية ففي الكاراتيه والكونغ فو؟‏!‏ وهل هؤلاء يعيشون في وطني غير مصر؟ وهل هم طلاب بجامعة الأزهر أم أنهم مقاتلون في كتائب القسام؟‏!‏

محمود اباظة ـ سامح عاشور

وهل حدث ذلك في غفلة من قيادات الإخوان؟ أم بمباركة وتخطيط من الجماعة؟‏!‏ ولماذا سمح لهم الحرس الجامعي؟ علامات استفهام غامضة وعديدة‏,‏ فجرها مشهد طلاب الإخوان بل فتح صفحات تاريخ الجماعة من جديد في مرحلة حاسمة تستحق التأمل والتوقف‏!‏

بداية لم يسجل التاريخ لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة منذ تأسيسها عام‏1928‏ مشهدا أكثر جرآة وعنف هذا المشهد‏,‏ فقد ظل هذا النوع من الممارسات الإخوانية في الخفاء حتي في أوج صدامهم مع النظام‏,‏ وفي إبان ما عرف بالنظام الخاص في الأربعينيات‏..‏ لكن أن يظهر الي العلن وفي الحرم الجامعي‏,‏ فلاشك أنه أمر خطير لم تحكمه مصادفة ولن تشفع له أي تبريرات‏,‏ ولن يكون له تشخيص سوي أن هذه الأفعال سوف تحرق الوطن وسوف تعيدنا الي الوراء آلاف الخطوات وأنها أفعال مقصودة تحمل أكثر من رسالة‏,‏

تمثلت في المفردات التي استخدمها الطلاب اثناء تدريباتهم مثل ترديد صامدون صامدون‏,‏ لاندري امام من يصمد هؤلاء؟ امام العدو الاسرائيلي أم أمام مقاومة الاحتلال الانجليزي‏,‏ كما أنهم اعتصموا ورددوا هتافاتهم امام مكتب الدكتور أحمد الطيب رئيس الجامعة‏,‏ مؤكدين أنهم لن يتراجعوا إلا بعد قرار الجامعة بعودة الطلبة السبعة المفصولين‏,‏ في دلالة توحي بأنه تلثيمهم وميليشياتهم ستظهر كرد فعل لعودة حقوق هؤلاء الطلبة‏,‏ من ناحية أخري يفسر هذا المشهد أن طلبة الأخوان لديهم القدرة علي مواجهة من دخلوا معهم في صدامات واشتباكات‏

مع من قالوا إنهم بلطجية الجامعة أثناء انتخابات الاتحادات الطلابية‏,‏ ناهيك عن القاسم المشترك في كل تحركات الإخوان القائمة علي نظرية الأستقواء‏,‏ وجس النبض‏,‏ وها هي ـ في وجهة نظرهم ـ محاولة إذا نجحت ومرت فمن الممكن تكرارها وربما تضييقها عمليا‏.‏ربما تتباين التفسيرات والتحليلات لكن الشيء الخطير أن هذا الوطن ليس ملكا للأخوان وليس ملكا للنظام بل له قداسته وخصوصيته وولاؤه‏.‏ ثم إنه ما دلالة سيل الاعتذارات من قبل الإخوان بعد هذا المشهد؟‏!‏ أم أنها نوع من التكنيك السياسي داخل الجماعة‏,‏ لاسيما أنها لم تلبث تشعل نيران الحجاب ثم تعود وتنسحب وها هي الآن تؤكد اعتذارها عما فعله طلاب الإخوان داخل جامعة الأزهر‏,‏

إذ يبادر الدكتور محمد حبيب نائب المرشد العام بأن ما فعله طلاب الإخوان تم بتصرف فردي من بعض الطلاب‏,‏ وأن الإخوان لا يمتلكون ميليشيات مسلحة ولايقومون بتدريب أعضائهم علي الرياضات العنيقة‏,‏ مشيرا إلي معاتبته لهؤلاء الطلاب علي اعتبار أن هذا الأمر مرفوض شكلا وموضوعا‏,‏ وأكد أنه من حق الطلبة استخدام كل الوسائل السلمية والقانونية للتعبير عن رفضهم وإحتجاجهم لما قامت به ادارة الجامعة من فصل وتعسف لبعض الطلاب بدون مبرر‏,‏ وأنه كان من الأولي بادارة الجامعة ألا تغلق الأبواب وتسد المنافذ لممارسة حقهم في النشاط داخل الجامعة‏.‏ثم يأتي من بعده الدكتور محمد البلتاجي الأمين العام للكتلة البرلمانية للإخوان والأستاذ بكلية طب الأزهر ليدافع عن هؤلاء‏,‏ مؤكدا أن ما قام به طلاب الإخوان من استعراض للمهارات الرياضية لم يكن سوي فقرة من فقرات الاعتصام الذي نظمه الطلاب في الجامعة‏,‏ ولم يقصد به مطلقا إستعراض القوة وطالب الطلاب بتقديم الاعتذار عن الرسالة السلبية التي قدمها هؤلاء الطلاب‏.‏

 

وربما يعتقد قادة الإخوان أنه هذه الاعتذارات سوف تشفع لهم عند الرأي العام‏..‏ وسوف تغفل هذه الواقعة من ذاكرة التاريخ‏..‏ لكنه هل يعرف قادة الإخوان أنهم يجددون تأكيد أن تاريخهم يشهد علي حوادث عنف وأعمال سرية كانت تدار وتنظم تحت الأرض؟‏!‏ وهل يعلم قادة الإخوان أن المعلومات تؤكد أن المعسكرات الشبابية ونشاطات الجوالة والتدريبات مازالت قائمة داخل الجماعة ويعرفها الجميع‏.‏

ما فعله طلاب الإخوان داخل جامعة الأزهر يمكن تصديقه في فلسطين أو داخل خنادق حزب الله‏..‏ لكنه قطعا لا يوجد أحد يبرر هذا مهما كانت الدوافع لفعلتهم هذه‏.‏

الدكتور رفعت السعيد ـ رئيس حزب التجمع ـ يعلن استياءه الشديد من ميليشيات الإخوان‏,‏ وتدريباتهم ويؤكد أنها ليست مصادفة‏,‏ وأنه لايمكن بأي حال من الأحوال أن يقبل إعتذاراتهم‏,‏ وأن سلوكهم وسياستهم داخل الجامعات سيصنع إرهابا من نوع خاص وسوف يدمران مستقبل العمل الجامعي‏,‏ وسوف يعودان بنا إلي العنف الأصيل للجماعة‏,‏ وأن ما فعله الإخوان جرأة غير مقبولة ولن تتم بدون علم قادة الإخوان‏,‏ فهؤلاء تنظيم وله آلياته التي تحكمه‏.‏

في الوقت نفسه حمل رئيس حزب التجمع المسئولية أيضا لمن سمح لهم وأعطاهم الفرصة للقيام بمثل هذه الأفعال‏,‏ فهؤلاء الطلبة لم يجدوا رادعا لهم‏,‏ وبالتالي استخفوا بالجميع وأعلنوا التحدي وتجاوزوا هذه المرة كل الأعراف والأدبيات المعتادة في التعبير عن الاحتجاج‏.‏ وطلبة الاخوان لن يتحملوا وحدهم هذه المسئولية‏..‏ بل أيضا من سمح لهم فهو متواطئ معهم‏..‏

في السياق ذاته يتوقف محمود أباظة رئيس حزب الوفد عند هذه الواقعة مؤكدا أن ما فعله طلاب الاخوان مشهد مخيف ومرفوض ويجب أن ننظر إليه بعمق‏,‏ لاسيما أن تجييش الحياة السياسية ليس في مصلحة مصر ولا في مصلحة مستقبلها وديمقراطياتها‏,‏ بل أن مثل هذه الوقائع تسهم في تمزيق المجتمع وتدمير مستقبله‏,‏ فنحن نطالب بحرية العمل السياسي بالجامعة‏,‏ لكنه لابد إن يكون هناك فاصل واضح بين العمل السياسي بالطرق السلمية الشروعة وبين عمليات الإرهاب بالقوة المدنية أو بالمظهر الذي يؤدي إلي إحجام الشباب عن المشاركة في ظل التلويح بأعمال العنف‏.‏

كما أن خلط الأوراق لدي التيارات السياسية وعدم التفرقة بين المعارضة السياسية التي تتم في إطار المؤسسات الدستورية والإطارات الشرعية وبين المقاومة التي تمارس ضد المحتل أو العدو يسئ إساءة بالغة لأمن واستقرار المجتمع‏,‏ كما أن هذا الاتجاه داخل الجامعات يؤكد أننا فتحنا الأبواب لانهيار عام تتخلله أعمال إرهاب وعنف واستثمارات لاتصب سوي ضد مصلحة هذا الوطن‏,‏ خاصة أن العمل الديمقراطي ينطلق من ركيزة أن الدولة أداة للأمة وليست عدوا لها‏,‏ لكن ماحدث داخل جامعة الأزهر يكشف عكس ذلك‏.‏

إلي ذلك يري سامح عاشور نقيب المحامين أن اللجوء إلي هذه الأفعال داخل الجامعات أمر في غاية الخطورة‏,‏ فهذا معناه الخروج عن سياق المجتمع‏,‏ وهذا أمر لايعكس حوارا ديمقراطيا‏,‏ بل يؤكد فكرة استخدام القوة كسلاح في التعامل‏,‏ وهذا يعني أن من يملك القوة يمكنه السيطرة علي كل أمور المؤسسات والهيئات‏,‏ وهذا ترفضه أي ممارسات سياسية تسعي لإيجاد مناخ ديمقراطي‏,‏ كما أنه لابد من توقف الدولة عند هذه الواقعة ومواجهتها والعمل علي وأدها مبكرا‏,‏ وذلك من خلال إعمال القانون وتطبيق لوائح الجامعات التي تحد من مثل هذا السلوك الذي يبعث مخاوف عديدة من شأنها تمزيق العملية التعليمية داخل الجامعات‏.‏

بينما نجد الدكتور عزالدين الصاوي نائب رئيس الجامعة ـ يري ضرورة السيطرة ومحاصرة هؤلاءالطلاب داخل الجامعات‏,‏ ويؤكد أنه عبر مئات السنين لم يحدث داخل جامعة الأزهر مثلما حدث من قبل طلاب الاخوان‏,‏ وأن الميليشيات الإخوانية كانت بمباركة قادة الجماعة‏,‏ وأنهم كانوا يعلمون بالتوقيت الذي ينظم فيه الطلاب اعتصاماتهم ويرتدون الأقنعة‏,‏ وأنه كان مدبرا لها من قبل‏,‏ كما أن ظاهرة التلثيم داخل الجامعة وترديدهم شعارات معناها أنه من ليس معهم فهو ضدهم‏..‏ سلوك مقصود ومدروس والمراد به عودة الإرهاب والعنف من جديد‏,‏ ومحاولة لتأكيد وجودهم‏,‏ واختراقهم المكثف لجامعة الأزهر‏,‏

ولم يخف د‏.‏ الصاوي أن طلاب الإخوان داخل الجامعة يطبقون لوائح وقواعد النظام الخاص السري المتعارف عليه داخل الاخوان علي مر التاريخ لكن عليهم وعلي قادة الاخوان أن يعرفوا جيدا أن إدارة الجامعة لن تسمح لهؤلاء الطلبة بممارسة العنف داخل أسوارها‏,‏ وأنها ستطبق القانون‏,‏ وأن هؤلاء الطلبة ينتمون لجماعة محظورة ويعملون تحت إمرة قادتها الذين يديرون أمور طلابهم‏,‏ كما أنه لابد لقادة الاخوان أن يمارسوا عنفهم ونشاطاتهم السياسية بعيدا عن التأثير في عقول طلابهم لأن هذا سوف يعود بالدمار والخراب علي هذه الأمة وسوف يتكرر مشهد الميليشيات في الشوارع بعد ذلك وبشكل علني‏.‏

كما يحذر د‏.‏ الصادوي من أن هذا الأمر يحتاج إلي وقفة حاسمة من كل من يسعي إلي استقرار العمل الجامعي وأنه لو تمادي طلاب الاخوان في غايتهم هذه سوف تجدهم بالسلوك نفسه وعاظا في المساجد يرهبون الناس‏,‏ وسوف يرتدون الأقنعة طوال الوقت وسيكونون تربة جديدة لتصنيع الإرهاب وبشكل أكثر عنفا عما كان‏,‏ كما يؤكد نائب رئيس الجامعة أن هؤلاء الطلبة يتظاهرون بالدفاع عن زملائهم المفصولين لكن هناك لوائح وقوانين أدت إلي فصل الطلبة‏,‏ منها مثلا استخدام مكبرات صوتية وجدران الكليات بشكل يحرص علي العنف لما تحمله هذه الملصقات من عبارات عنف‏,‏ وهذا أمر يجرمه القانون‏.‏

وفيما يتعلق بسماح إدارة الجامعة لهؤلاء بالقيام بتدريبات يؤكد د‏.‏الصاوي أنهم لم يدخلوا الجامعة بهذه الملابس‏,‏ بل انهم ارتدوها داخل الحرم الجامعي وفي غفلة من الجميع وبعيدا عن أعين إدارة الجامعة‏.‏

كما يري نائب رئيس الجامعة أن مستقبل التعليم الأزهري في ظل ممارسات طلاب الاخوان صار في خطر يهدد الاستقرار داخل جامعة الأزهر‏,‏ وأنه لن يقبل إعتذارهم مهما كانت صيغته‏,‏ كما أن الاعتذار لاينفي المساءلة القانونية‏,‏ وما فعلوه عمل يعيد شبح الارهاب والعنف مرة ثانية ولابد أن تتم محاسبتهم عليه‏.‏

من ناحية أخري نجد ضياء رشوان الخبير في شئون الجماعات الاسلامية يقرأ مبررات ما فعله طلاب الإخوان فيؤكد أنه يدين ما فعله الطلاب وأنه أمر مرفوض شكلا وموضوعا‏,‏ لكنه في الوقت نفسه وبنفس وبالإدانة نفسها أوجد حالة من الضيق لدي طلاب الاخوان في ممارسة العمل السياسي‏,‏ مما دفعهم إلي التفكير في صور أخري يظهرون بها ويعبرون بها عن أنفسهم داخل الجامعة‏,‏ ولو أنه تم السماح لهم بممارسة الانتخابات الطلابية بشكل طبيعي دون تدخل من ادارة الجامعة أو الأمن‏,‏ فلاشك أن الصورة كانت قد اختلفت‏.‏

كما يستبعد رشوان أن يكون هذا المشهد يمثل سياسة عامة للاخوان‏,‏ وأن هذا خطأ إرتكبه بعض عناصرهم من جامعة الأزهر ولابد أن يحاسبوا عليه‏
.


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com