Print

مجدي يعقوب.. عاش وسقطت مدرسة سوهاج

فاطمة خير

فاطمة خير

ركض ابني غاضباً من أمام شاشة التليفزيون، وقال لي:لم أعد أحتمل رؤية هذه الإعلانات، فأنا يا أمي أخشى أن أفقدك كما يفقد هؤلاء الأطفال أمهاتهم في الإعلان. 

ابني الذي لم يكمل عامه السادس يعاني أزمة نفسية منذ بداية شهر رمضان، بسبب كثرة إعلانات التبرع للمستشفيات، وهي الإعلانات التي زادت بشكل كبير للعام الثاني على التوالي، ولن أبالغ إن قلت إنها تسيطر على 80% من حجم المادة الإعلانية (الإحصاء عشوائي تماماً )، وأنا عن نفسي عشت هذا الألم منذ العام الماضي، حتى أنني صرت أحول مؤشر التليفزيون بمجرد مرور إعلان منهم، أو أتحرك من أمام الشاشة، كل هذا ولم يمر أسبوع على بدء الشهر الكريم.

المرة التي قررت أن أدفع ابني لمشاهدة إعلان منهم وحتى آخره، كان إعلاناً لمستشفى الدكتور مجدي يعقوب ، قلت لابني أتمنى أن أراك مثله يوماً، وعندما سألني لماذا؟ وجدتها فرصة كي أشرح له وأخته التي أكملت عامها الثاني عشر، كيف أن هناك شخصيات مصرية ناجحة، شقت طريقها وحدها تماماً، بعيداً عن مؤسسات الدولة بجمودها وصراعاتها، وجدتها فرصة لأضرب المثل بنموذج مصري منحته ملكة إنجلترا لقب "فارس"، فى زمن عز علينا أن نجد لأولادنا قدوة مصرية تكون دليلهم للنجاح، ولكنني لم أستطع منع حسرتي وأنا أخبرهم بأنه ربما كان محظوظاً لأن الظروف دفعته للسفر خارج مصر، قلتها بنبرة صوت منخفضة تشي بالخجل والحسرة معاً.

نعم.. الطبيب والعبقري والمصري بكل فخر مجدي يعقوب، هو القدوة التي أفخر بتقديمها لأبنائي، قدوة دفعتها الظروف الظالمة لمغادرة مصر، فيجعل الله هذا سبباً ليشق الرجل طريقه للنجاح، أمر مؤلم ألا يجد المصري فرصته إلا خارج مصر، هذا المصري الذي لم يصب قلبه الجحود، عاد مدفوعاً بشعوره بالواجب نحو أبناء وطنه؛ ليقيم مشروعه الطبي لعظيم لأبناء الجنوب المنسيين، مشروع لا يفرق بين غني وفقير، صاحب نفوذ ومواطن بسيط، ووفقاً لرواية الزميل الصحفى سامح فايز على حسابه فى الفيسبوك يقول:" وأنا شخصيا قابلت فى مؤسسة يعقوب حالتين: طفل بن حارس عقار من البحر الأحمر وطفل والده ظابط كبير فى جهة سيادية ومن عائلة غنية جدا فى إسكندرية، الاتنين كانوا فى غرفتين إلى جانب بعض، زوجة الظابط قالت لي إن جوزها استخدم كل علاقاته، وحاول يدفع فلوس عشان ياخد معاملة أفضل لكنه فشل، وحارس العقار كلمني عن اهتمام المستشفى بابنه وإزاى إنهم حتى أجرة السكن فى أسوان بيدفعوهاله عشان يفضل جنب ابنه.

الأغرب من كده إن زوجة الظابط فى نفس يوم زيارتي للمستشفى شدت فى الكلام مع أمن المستشفى لأنهم رفضوا إنها تجيب أكل مخصوص من برة، أكل المستشفى كله واحد لكل الحالات وممنوع حد يبقى أحسن من حد، مساواة حتى فى أبسط الأمور واللي مش مضرة.

 لكن هجوم الأطباء فى الصعيد بالذات وبالأخص مستشفى أسوان التعليمي على مؤسسة يعقوب أساسه عنصري، بسبب إن المسؤول عنها مسيحي .. وأكبر هجوم حصل لما اتهموا المؤسسة بأنها تستخدم مادة في العلاج مستخلصة من لحم الخنزير".

في الجنوب نفسه، وفي مركز جهينة بمحافظة سوهاج، يعلن أولياء أمور 18 طالبا بأن مدرسة ابتدائية رفضت قبول التحاق أبنائهم لأنهم مسيحيون، ردت وزارة التربية والتعليم ببيان نفت فيه الواقعة، واستشهدت بأن الناظر مسيحي!، لكن البيان نفسه قال بتشكيل لجنة لفحص طلبات الالتحاق! ما يعني اعتراف بوجود مشكلة ينفيها البيان نفسه! ، أما ما لم يذكره البيان فهو أن بطل واقعة رفض قبول الطلاب المسيحيين ليس الناظر وإنما مدير مسئول عن طلبات الالتحاق، وأن أولياء الأمور للثمانية عشر طالبا يؤكدون الواقعة.

ليست المرة الأولى،ومن الواضح أنها لن تكون الأخيرة، المسألة لم تعد تحتمل السكوت، وبيانات النفي لن تطفئ ناراً وقودها الفتنة، ربما أن أحد التلاميذ المساكين قد تناله معجزة فيغادر"وطنه" ويعود كمجدي يعقوب آخر، وربما لن يعود حيث سيلتقي وطناً يرغب فيه، وربما أن المعجزة لن تحدث لأننا بدفن رؤوسنا فى الرمال لم نعد نستحق المعجزات.

ركض ابني غاضباً من أمام شاشة التليفزيون، وقال لي:لم أعد أحتمل رؤية هذه الإعلانات، فأنا يا أمي أخشى أن أفقدك كما يفقد هؤلاء الأطفال أمهاتهم في الإعلان. 

ابني الذي لم يكمل عامه السادس يعاني أزمة نفسية منذ بداية شهر رمضان، بسبب كثرة إعلانات التبرع للمستشفيات، وهي الإعلانات التي زادت بشكل كبير للعام الثاني على التوالي، ولن أبالغ إن قلت إنها تسيطر على 80% من حجم المادة الإعلانية (الإحصاء عشوائي تماماً )، وأنا عن نفسي عشت هذا الألم منذ العام الماضي، حتى أنني صرت أحول مؤشر التليفزيون بمجرد مرور إعلان منهم، أو أتحرك من أمام الشاشة، كل هذا ولم يمر أسبوع على بدء الشهر الكريم.

المرة التي قررت أن أدفع ابني لمشاهدة إعلان منهم وحتى آخره، كان إعلاناً لمستشفى الدكتور مجدي يعقوب ، قلت لابني أتمنى أن أراك مثله يوماً، وعندما سألني لماذا؟ وجدتها فرصة كي أشرح له وأخته التي أكملت عامها الثاني عشر، كيف أن هناك شخصيات مصرية ناجحة، شقت طريقها وحدها تماماً، بعيداً عن مؤسسات الدولة بجمودها وصراعاتها، وجدتها فرصة لأضرب المثل بنموذج مصري منحته ملكة إنجلترا لقب "فارس"، فى زمن عز علينا أن نجد لأولادنا قدوة مصرية تكون دليلهم للنجاح، ولكنني لم أستطع منع حسرتي وأنا أخبرهم بأنه ربما كان محظوظاً لأن الظروف دفعته للسفر خارج مصر، قلتها بنبرة صوت منخفضة تشي بالخجل والحسرة معاً.

نعم.. الطبيب والعبقري والمصري بكل فخر مجدي يعقوب، هو القدوة التي أفخر بتقديمها لأبنائي، قدوة دفعتها الظروف الظالمة لمغادرة مصر، فيجعل الله هذا سبباً ليشق الرجل طريقه للنجاح، أمر مؤلم ألا يجد المصري فرصته إلا خارج مصر، هذا المصري الذي لم يصب قلبه الجحود، عاد مدفوعاً بشعوره بالواجب نحو أبناء وطنه؛ ليقيم مشروعه الطبي لعظيم لأبناء الجنوب المنسيين، مشروع لا يفرق بين غني وفقير، صاحب نفوذ ومواطن بسيط، ووفقاً لرواية الزميل الصحفى سامح فايز على حسابه فى الفيسبوك يقول:" وأنا شخصيا قابلت فى مؤسسة يعقوب حالتين: طفل بن حارس عقار من البحر الأحمر وطفل والده ظابط كبير فى جهة سيادية ومن عائلة غنية جدا فى إسكندرية، الاتنين كانوا فى غرفتين إلى جانب بعض، زوجة الظابط قالت لي إن جوزها استخدم كل علاقاته، وحاول يدفع فلوس عشان ياخد معاملة أفضل لكنه فشل، وحارس العقار كلمني عن اهتمام المستشفى بابنه وإزاى إنهم حتى أجرة السكن فى أسوان بيدفعوهاله عشان يفضل جنب ابنه.

الأغرب من كده إن زوجة الظابط فى نفس يوم زيارتي للمستشفى شدت فى الكلام مع أمن المستشفى لأنهم رفضوا إنها تجيب أكل مخصوص من برة، أكل المستشفى كله واحد لكل الحالات وممنوع حد يبقى أحسن من حد، مساواة حتى فى أبسط الأمور واللي مش مضرة.

 لكن هجوم الأطباء فى الصعيد بالذات وبالأخص مستشفى أسوان التعليمي على مؤسسة يعقوب أساسه عنصري، بسبب إن المسؤول عنها مسيحي .. وأكبر هجوم حصل لما اتهموا المؤسسة بأنها تستخدم مادة في العلاج مستخلصة من لحم الخنزير".

في الجنوب نفسه، وفي مركز جهينة بمحافظة سوهاج، يعلن أولياء أمور 18 طالبا بأن مدرسة ابتدائية رفضت قبول التحاق أبنائهم لأنهم مسيحيون، ردت وزارة التربية والتعليم ببيان نفت فيه الواقعة، واستشهدت بأن الناظر مسيحي!، لكن البيان نفسه قال بتشكيل لجنة لفحص طلبات الالتحاق! ما يعني اعتراف بوجود مشكلة ينفيها البيان نفسه! ، أما ما لم يذكره البيان فهو أن بطل واقعة رفض قبول الطلاب المسيحيين ليس الناظر وإنما مدير مسئول عن طلبات الالتحاق، وأن أولياء الأمور للثمانية عشر طالبا يؤكدون الواقعة.

ليست المرة الأولى،ومن الواضح أنها لن تكون الأخيرة، المسألة لم تعد تحتمل السكوت، وبيانات النفي لن تطفئ ناراً وقودها الفتنة، ربما أن أحد التلاميذ المساكين قد تناله معجزة فيغادر"وطنه" ويعود كمجدي يعقوب آخر، وربما لن يعود حيث سيلتقي وطناً يرغب فيه، وربما أن المعجزة لن تحدث لأننا بدفن رؤوسنا فى الرمال لم نعد نستحق المعجزات.