Print

قِدِّيسُونَ عُظَمَاءُ فِي هَذَا الجِيلِ

القمص أثناسيوس چورچ.

عندما نتحدث عن القرن الماضي؛ يكون بالنسبة لمعظمنا "حاضرًا" وليس "ماضيًا".. ويعتبر هذا القرن مزدحمًا بالآباء والقديسين والشهداء والمعترفين أيضًا... ولقد تعرفتُ شخصيًا وعشتُ وتعلمتُ ورأيتُ وأشهدُ بأن روح الله يعمل في كل جيل، ويفرز أتقياء جبابرة بأسٍ، وهم لا يحملون لافتة تقول : (انظروا إني قديس)!! لأن طريق الكمال المسيحي هو دعوة للكل وللجميع من غير استثناء.

بعضهم معروف وبعضهم مجهول، منهم من تكرَّم ومنهم من أُهِين؛ لكن الكنيسة بحكمتها لا تمنح الاعتراف الرسمي والتقنيين بالقداسة؛ إلا بعد فترة كبيرة قد تصل لخمسين سنة؛ حتى لا تتسرع في هذا الأمر بصورة عامة.

هناك جمهرة شخصيات جبارة من كافة المستويات والأنماط في تقواها وأنواع خدمتها ودعوتها، قد آمنتْ وتكلمتْ وعبدتْ وخدمتْ وشهدتْ وأكملتْ دعوة القداسة والكمال المسيحي؛ وكانوا لنا قدوة ومثالاً عمليًا وإنجيلاً معاشًا.

فقد أفرزت الكنيسة للعالم عظماء كثيرين في قداسة الحق والمعرفة والغيرة؛ لأن إلهنا الحي يعمل بروحه القدوس الرب المحيي، ولا يزال يعمل في القديسين الجدد، مثل باقات الزهور والأثمار الشهية والغروس المغروسة على مجرَى المياه مخلصنا، مبرهنين على أن الله حاضر في وسطنا بمجده ومجد أبيه والروح القدس، وهو في متناول الجميع هنا والآن.

فالذين يعملون في مجال العلوم يعرفون أن الخبرة تأتي من خلال الاختبار والتسليم، تأكيدًا على أن القداسة ممكنة ومتاحة وهي ليست مستحيلة؛ لكنها واقعية في الحياة العملية لأشخاص عاشوا زماننا بكل ما فيه من تغيُّرات وتحديات.. لكنهم تسجلوا في سِفر الحياة الأبدية الذﻱ لن يكتمل ولن يُكتشف إلا في يوم الدينونة.

عاشوا كخميرة نشطة تسرﻱ لتخمِّر العجين كله؛ في كنيسة غاية العجب؛ تفعل فعلها الهادئ والعميق في القلوب... وبالرغم من ذلك فقد استَرْعَتْ أعمال النعمة فيهم انتباه أعضاء كنيستهم، ولفتت أنظار المؤرخين؛ بينما لا يستطيع أحد أن يقيس العمق والعرض لكل تلك الطغمات المباركة التي زرعت وحصدت خبرات وأثمار وأزهار تفتحت كزهور الربيع في بستان البيعة المقدسة!! مَنْ يستطيع أن يحصي عدد الصلوات والقداسات والعبادات والتسبيحات والعظات والإنجازات والافتقادات وتوسلات المخادع والكهوف والصحارى وقبور الشهداء والقديسين؟!!

فكَمْ كانت الحياة التَقَوية متأصلة بجذورها في أعماقهم؛ وظهرت في ملامحهم وعلى وجوههم وسلوكهم وأعمال سيرتهم؛ وأثرت تأثيرًا عجيبًا في كل من حولهم، فظهرت وتفاضلت نعمة الله المخلِّصة لجميع الناس؛ معلمة إيانا أن نعيش بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر؛ حتى استمرت حياة المسيح فيهم، فغلبوا العالم بقوة مذهلة، وصاروا قدوة وأنوارًا وسط جيل معوج وملتوٍ.

صدّوا طياشة وشهوانية العالم، وعاشوا حياة إنجيلية مثل كواكب تردّ كثيرين إلى البر، وأشعّوا قداسة ومحبة وأدبًا ونسكًا وفرحًا وسط قبح ظلمة واكتئاب مرارة هذا العالم... شاهدين لروح التعزية والصبر الإنجيلي. مِلْحًا للأرض ونورًا للعالم، وإنْ كانوا فقراء ومعوزين؛ لكنهم امتلكوا الكنوز وربحوا ملكوتًا لا يتزعزع، متفوقين على جيلهم... فالطوبَى لهم لأن روح الله والمجد حل عليهم.. شاهَدناهم وعايشناهم ورأينا خبرة تقواهم ومعرفتهم الإنجيلية.

لقد بنوا وشيدوا وأسسوا البشر قبل الحجر، وعلّموا وأرشدوا ألوفَ وربواتٍ؛ ولا زالوا يتكلمون بعدُ.. إذ أنهم عظماء وأحياء عند إله الأحياء... فلن ننسى أبدًا بركتهم وعظمة سيرتهم وصورة المسيح المرتسمة على وجوههم... عن البابا كيرلس السادس أتكلم... عن البابا شنودة الثالث أتكلم... عن أنبا صموئيل أسقف الخدمات أتكلم... عن أنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي أتكلم... عن أنبا أثناسيوس مطران بني سويف أتكلم... عن أنبا مكسيموس مطران القليوبية أتكلم... عن أنبا أندراوس أسقف دمياط أتكلم... عن أنبا بيمن أسقف ملوﻱ أتكلم... عن أنبا مينا آفا مينا أتكلم... عن أنبا ياكوبوس أسقف الزقازيق أتكلم... عن أنبا يؤنس اسقف الغربية أتكلم... عن أنبا مكاريوس أسقف قنا أتكلم... عن القمص ميخائيل إبراهيم أتكلم... عن القمص بيشوﻱ كامل أتكلم... عن القمص بولس بولس أتكلم... عن الأب متي المسكين أتكلم... عن القمص يوسف أسعد أتكلم... عن القمص بيشوﻱ بطرس أتكلم... عن القمص كيرلس داود أتكلم... عن القس منسَّى يوحنا أتكلم... عن د. إيريس حبيب المصري.

أتكلم عن د. سليمان نسيم... عن د. نبيل صبحي أتكلم... عن أمنا إيريني العجائبية أتكلم... عن المقدس يوسف حبيب أتكلم... عن د. طلعت عبده حنين أتكلم... عن الأرشيدياكون رمسيس نجيب أتكلم.. عنهم جميعًا الذين رأيتهم ملتمسًا بركاتهم وشفاعاتهم؛ بعد أن عاينتُ فيهم يقين برهان المسيح، فليكن ذكراهم إلى الأبد

القمص أثناسيوس چورچ.
www.frathanasiusdublin.com