على الإخوان حل التنظيم وتنحية الدين ليمارسوا السياسة"

Swissinfo 

 أوضح الخبير الأمني المصري اللواء محمد عبد الفتاح عمر لسويس إنفو أن جماعة الإخوان المسلمين هي "تنظيم سري محظور"، وممنوع بحكم القانون من ممارسة العمل السياسي.

واعتبر الخبير المصري أن الحملة التي تشنها السلطات الأمنية هي "أمر طبيعي من النظام تجاه تنظيم خارج عن القانون"، نافياً وجود أية صلة بين الحملة وموضوعي تمرير التعديلات الدستورية والترشح لانتخابات الشورى.

وقال اللواء عبد الفتاح عمر، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب، عضو أمانة السياسات بالحزب الوطني في حديث خاص لسويس أنفو: "النظام لن يتفاوض مع جماعة "لقيطة" سياسياً، يعلم مقدماً أنها تتربص حتى تستشعر قوتها، فتنقض على السلطة".

واستدرك اللواء عبد الفتاح عمر قائلاً: "أما إذا أرادوا أن يمارسوا العمل السياسي، فلابد أن يعلنوا حل هذه الجماعة والقبول بالنظام السياسي القائم والانضواء تحت أحد الأحزاب القائمة، شريطة أن ينحّـوا الدين جانباً، وألا يقحموه في لعبة السياسية".

سويس إنفو: يرى الإخوان أن التصعيد ضدهم، كان يستهدف تمرير ملف التعديلات الدستورية، ومنعهم من الترشح لانتخابات الشورى في يونيو القادم، فما صحة ذلك؟ وما هي – بنظركم - الأسباب الحقيقية للحملة الأخيرة؟

 اللواء محمد عبد الفتاح عمر: الإخوان تنظيم سري محظور، ممنوع بحكم القانون من ممارسة العمل السياسي، وما يحدث، لا علاقة له مطلقاً بتمرير التعديلات أو الترشح للشورى، كما يزعمون. فالتعديلات تم تمريرها في البرلمان بأغلبية الأعضاء بعد مناقشات طويلة، ولا تنس أن الحزب الحاكم يمتلك الأغلبية، أما مجلس الشورى فليس لهم به أي تواجد، والترشح لانتخابات التجديد القادمة مفتوحة، إن أرادوا أن يترشحوا كأفراد مستقلين بصفتهم مواطنين مصريين، فلن يمنعهم أحد.

وليست هناك حملات منظمة ضدهم، وكل ما في الأمر أنه عندما تصل إلى جهاز أمن الدولة معلومات تفيد بأن الجماعة تنوي القيام بمحاولات لإثارة الفوضى أو تأليب الجماهير ضد النظام، فإنه يتابعهم ويقوم بجمع المعلومات والتحريات، حتى يضع يده على المستندات والأدلة، ثم تلقي القبض على العناصر المشاركة وتقدمهم للعدالة لتأخذ القضية مجراها بشكل قانوني.

سويس إنفو: لكن، لماذا تصر الحكومة ووسائل إعلامها على وصف الجماعة بأنها (محظورة)، رغم وجودها الفعلي في الجامعات والنقابات ونوادي أعضاء هيئات التدريس... إلخ، بل إنها موجودة في البرلمان وتسيطر على خُـمس المقاعد ولها (88) عضواً؟

اللواء محمد عبد الفتاح عمر: عندما نقول إنها "جماعة محظورة"، فإننا نعني أن وجودها غير قانوني، وهذا أمر واقع، وحتى يتغيّـر، فلابد أن نعترف جميعاً بأنها جماعة محظورة تمارس العمل بشكل غير قانوني، وبالتالي، يُـحظر عليها ممارسة العمل السياسي، ووجود عناصر لها بالجامعات أو النقابات أو النوادي، لا يبرر وجودها غير القانوني.

أما عن وجودها بالبرلمان بهذا العدد، فمصر دولة يحكمها القانون والدستور، وعندما فتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية عام 2005، ترشح بعض عناصر هذه الجماعة المحظورة كأفراد مستقلين، لأنهم بحكم أنهم مواطنون مصريون، يمنحهم الدستور حق الترشح والانتخاب.

ورغم علم الحكومة بترشيحهم كمستقلين، تحايلاً على القانون، إلا أنها غضت الطرف عنهم وتركتهم يترشحون. وفي تقديري، أن هذه سقطة من الحكومة، فقد كان يجب عليها أن تشترط عليهم ألا يمارسوا العمل البرلماني أو السياسي بصفتهم أعضاء في الجماعة، وإنما كمستقلين، فإن قبلوا وتعهدوا كان بها، وإلا كان عليها أن تمنعهم من الترشح أو تفصلهم ما لم يلتزموا بذلك بعد نجاحهم.

ولأننا دولة نامية، فإننا نمر بأزمات اقتصادية، في مقدمتها البطالة، ومن ثم، فإن أغلب المواطنين يشعرون بهذه الأزمات وينظرون إلى الحكومة على أنها المسؤولة عن أزمتهم، وهم يشعرون بالغُـبن. فلما أتيحت لهم الفرصة في انتخابات 2005 ليعبروا عن آرائهم، صوتوا ضد الحكومة، فراحت أصوات هؤلاء الغاضبين والعاطلين لصالح مرشحي الإخوان، ليس حباً فيهم، وإنما غضباً عن الحكومة، فنجح منهم 88 نائباً!!

سويس إنفو: دعنا نكون صرحاء.. إذا كانت الحكومة لا تريد للإخوان أي وجود، فلماذا لا تقضي عليهم مرة واحدة؟ وإذا كانت تريدهم، فلماذا لا تسمح لهم بكيان سياسي ووجود قانوني تستطيع من خلاله إخراجهم للعلن ومراقبتهم ومحاسبتهم؟

اللواء محمد عبد الفتاح عمر: الحكومة تتعامل مع عناصر الإخوان كمواطنين، أما عن الجماعة، فالحكومة لم ترفض تحولها لحزب سياسي، بل إنهم هم الذين يماطلون ويرفضون التقدم بطلب رسمي للجنة الأحزاب لتأسيس حزب سياسي، كما أنهم حتى الآن لا يملكون برنامجاً للحزب.

وفي اعتقادي أن الإخوان مستفيدون من وضعهم الحالي، لأنهم لو أسسوا حزباً سياسياً سيكون فاشلاً، ولن يُـقبل عليه المصريون، فالشعب المصري في مجموعه غير مقتنع بالإخوان كحركة سياسية.

 

سويس إنفو: إذا انتقلنا لمجلس الشعب، أحد غرفتي البرلمان، وبصفتكم عضواً به، ووكيلاً للجنة الدفاع والأمن القومي، كيف ترون الممارسة البرلمانية لنواب الإخوان؟ وما تقييمكم لأدائهم البرلماني؟

 

اللواء محمد عبد الفتاح عمر: نواب هذه الجماعة المحظورة لم يقدموا شيئاً يُـذكر في البرلمان واكتفوا بالصوت العالي والتشويش على المتحدثين وإثارة الموضوعات، التي لا طائل من ورائها، سوى الظهور في الفضائيات.

وللأسف، فإن ممارستهم في البرلمان بعيدة تماماً عن الواقع، وعن قواعد اللعبة الديمقراطية وأسلوب دولة المؤسسات، فهم يعتمدون أسلوب الإثارة والتشويش والبحث عن النقاط التي تثير وسائل الإعلام، كما أن لديهم جهاز إعلامي يثير ضجة كبيرة لأتفَـه الموضوعات، والصحافة "عايزة تكتب وخلاص".

سويس إنفو: العلاقة بين الحكومة والإخوان مرت بحالات مَـد وجزر، من مواجهة حاسمة في عهد فاروق إلى تعاون وتصالح في عهد عبد الناصر، انقلبت إلى مواجهة شاملة، ثم انفتاح شبه رسمي في عهد السادات، ثم "مواجهة محسوبة" في عهد مبارك. فكيف تقرأ هذه العلاقة المتباينة؟

اللواء محمد عبد الفتاح عمر: ليس هناك تباين، لكن كان لكل مرحلة ظروفها. فعبد الناصر تعامل معهم بحسن نية أول الأمر، فلما استشعر خطرهم ألقى بهم في السجون، وعندما جاء السادات فتح المعتقلات وأخرجهم، وكان يتمنى أن يخرجوا للنور وأن ينضووا تحت منبر سياسي بدلا من الشغل في الظلام وتحت الأرض، فاقترب منهم وأتاح لهم الفرصة ليمارسوا فيها النشاط الدعوي والسياسي، وكانت هذه غلطته، فعندما قربهم، خرج من تحت عباءتهم الجماعات الإسلامية المتطرفة التي قامت بذبحه في حادث المنصة يوم احتفاله بالذكرى الـ 13 لانتصار أكتوبر.

الإخوان رفضوا تشكيل "منبر" سياسي، بينما سارع الاشتراكيون والأحرار الدستوريون بإنشاء منبر لهم، لكن الإخوان رفضوا، لأنهم يريدون أن يقفزوا على السلطة، وربما كان لهم بعض العناصر في الجيش أو الشرطة، هذا وارد، ولكن هذه العناصر، مهما كانت، لن تمكنهم من الوصول إلى السلطة. أما الرئيس مبارك، فيتعامل معهم بفلسفة الأب، فهو يصبر عليهم كثيراً، لعل الله يهديهم ويستفيدوا من الدرس، لكنهم يستهدفون الاستيلاء على الحكم.

سويس إنفو: وبماذا نفسر ما يحدث الآن؟ وماذا يمكن أن نطلق عليه؟

اللواء محمد عبد الفتاح عمر : ما يحدث الآن، هو محاولة عاقلة من الحكومة لوقف خروج الإخوان عن القانون، ورحم الله الرئيس السادات فقد كان يقول: (القانون له أنياب)، وعندما تستخدم الدولة أنياب القانون للدفاع عن أمن واستقرار الوطن، فلا يجب أن نلومها على ذلك.

لا تنس أننا دولة متخلفة، فنسبة الأمية السياسية لدينا تتجاوز 90%، ونسبة الذين لا يعرفون القراءة والكتابة أكثر من 40%، فضلا عن أن أكثر من 60% من المصريين لا يطالعون الصحف ولا يتابعون الأحداث، ومن ثم، فإن مجتمعنا غير ناضج للدرجة التي تمكِّـنه من أن يفهم حقيقة الإخوان، وحيلهم ومكرهم.

وجهاز الأمن في مصر له أسلوبه وله أجهزته المدربة، وعلى أعلى درجة من الكفاءة، ومن داخل جماعة الإخوان، هناك عناصر تتقرب للسلطة وتنقل لأجهزة الأمن معلومات دقيقة جدا عن الجماعة وتحركاتها واتجاهاتها وتمويلها، نعم... من داخل الإخوان!!

 

سويس إنفو: طالعتنا الصحف بأن قيادات الجماعة تلقّـوا دعوة من الكونغرس للحديث أمامه عن مستقبل الإصلاح بمصر، ورغم أن الجماعة تنفي دائما مثل هذه الاتصالات، وتقول إنها تشترط علم الخارجية، إلا أن البعض يرون أنها تُلَوِحُ بهذه الورقة للضغط على النظام فما رأيكم؟

 

اللواء محمد عبد الفتاح عمر : مصر دولة مستقلة كاملة السيادة، لا تسمح لأي دولة أن تتدخل في شؤونها، وهي ليست دولة محتلة لأمريكا، وإنما دولة صديقة لها، فكما كانت روسيا صديقة لمصر أيام الرئيس عبد الناصر، فإن أمريكا صديقة لمصر منذ أيام الرئيس السادات وفي عهد الرئيس مبارك، ولكننا لا نقبل ضغطا من أحد.

وأمريكا نفسها أعلنت أكثر من مرة أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو مزيد من الديمقراطية، وعندما تصبح الديمقراطية عندنا بنفس الدرجة الموجودة في دول مثل السويد وسويسرا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، سيختلف الأمر. فنحن لا زلنا دولة متخلِّـفة نحبُـو ناحية الديمقراطية ونغار من هذه الدول الديمقراطية، ولكن الوصول لهذه المرحلة لن يكون مرة واحدة، بل خطوة خطوة.

سويس إنفو: لماذا اتجه النظام لضرب الكيانات الاقتصادية للجماعة؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات

اللواء محمد عبد الفتاح عمر: نحن نثق في قدرات وإمكانيات جهاز الأمن، الذي يتعامل مع الملف الإخواني بأعلى مستوى، وبخصوص الضربات الاقتصادية، فالحكومة لا تتربص بالإخوان ولا تستهدف كياناتهم الاقتصادية، بدليل أنها موجودة منذ سنوات، لكن المشكلة أنها جماعة سرية، ومن ثم فإنها لا تكشف عن مصادر تمويلها ولا من أين لهم بهذه الأموال الطائلة، التي يديرون بها شؤون الجماعة.

وجهاز الأمن يرصد تحركاتهم جيدا ويتابع الحركة الاقتصادية للجماعة، وعندما يمسك بأطراف خيط يظل يتتبعه حتى يصل إلى أصله ويضع يده على المستندات والأدلة الدامغة، وعندما تكتمل أركان القضية، يلقي القبض على أعضائها والمتورطين فيها، بحسب ما تم جمعه من تحريات، ويحيل الأمر للقضاء ليحقق مع المتهمين، وهو ما حدث مع عدد من شركاتهم ومؤسساتهم الاقتصادية، مثل شركة الفرسان لتجارة السيارات وشركات خيرت الشاطر، النائب الثاني لمرشد الجماعة.

سويس إنفو: البعض يربط بين هذه الحملة وإعلان الجماعة نيتها إنشاء حزب سياسي، فهل تتفقون معهم في هذا السيناريو؟

اللواء محمد عبد الفتاح عمر: منذ فترة صرّح مرشدهم مهدي عاكف بأنهم سيعلنون عن حزب سياسي،  وانتظرنا أن يتقدموا للجنة شؤون الأحزاب، التابعة لمجلس الشورى بطلب تأسيس حزب، لكنهم لم يفعلوا، وعندما انكشفوا أمام الرأي العام، خرجوا علينا بحجة غريبة، وهي أن سبب تأخر في إعلان الحزب أنهم يعتبرون أن لجنة شؤون الأحزاب غير دستورية، ومن ثم، فإنهم يرفضون التقدم للجنة غير دستورية بطلب تأسيس حزب.

وقد كان إعلانهم عن الحزب تكتيكاً من الجماعة لصرف الحديث عما حدث منهم بجامعة الأزهر عندما كوّنوا "ميليشيات عسكرية" من الطلاب، ارتدوا الزي الأسود والقناع، مثل المقاومة المسلحة بفلسطين والعراق، وأخذوا يستعرضون قوتهم في وضح النهار أمام الطلاب، لإرهاب رئيس وإدارة الجامعة، وعندما انكشفوا، أخذوا يبررون فعلتهم بالقول، بأنه كان "مجرد استعراض رياضي لألعاب الدفاع عن النفس"..

سويس إنفو: كيف ترى مستقبل العلاقة بين الجماعة والنظام؟ ولأي مدى يمكن أن يتعايش الإخوان داخل اللعبة السياسية، وما هي الشروط التي يجب أن يلتزم بها الإخوان لكي تقبلهم الحكومة؟

اللواء محمد عبد الفتاح عمر: عندما يكون عندك ابن شرعي وآخر لقيط، فهل يستويان؟ بالطبع لا، كما أن النظام لن يتفاوض مع جماعة "لقيطة" سياسياً، يعلم مقدماً أنها تتربص حتى يستشعر قوتها، فتنقض على السلطة، أما إذا أرادوا أن يمارسوا العمل السياسي، فهذا يستلزم أن يقوموا بالآتي:

- أن يقوموا بحل الجماعة والإعلان عن ذلك.
- أن يعلنوا قبولهم للنظام السياسي القائم.
- أن ينضَـووا تحت أحد الأحزاب القائمة ليمارسوا السياسة بطريق مشروع.
- أن ينحوا الدين جانباً، وألا يقحموه في اللعبة السياسية.


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com