Print

ماذا جرى لمصر؟

بقلم منير بشاى

      وصلنى مؤخرا فيديو عن مصر التى كانت، قبل ان تعبث بها أيادى الاسلاميون والعروبيون والقومجيون.  والفيديو بالابيض والاسود، فالتصوير الملون لم يكن قد عرف بعد، مثل اشياء كثيرة لم يكونوا يعرفونها كالتلفاز والمحمول ووسائل الراحة التى يمتلكها الآن معظم الناس.  ومع ذلك فالفارق بين مصر التى كانت والتى هى كائنة الآن كفارق السماء عن الارض.

      كان غائبا عن مصر فى تلك الفترة اشياء مثل اكوام الزبالة والعشوائيات وطفح المجارى والزحام والتحرش.  وكان موجودا شىء اسمه كنس الشوارع ودهان العمارات كنوع من النظافة وايضا الجمال.  نعم الجمال! الذى اصبح بعد ذلك نوعا من الرفاهية نستطيع ان نعيش بدونه.  وبمناسبة الجمال كان هناك شيء ظريف اسمه الحدائق العامة بها الزهور والورود والاشجار التى اكتشفنا بعدها انه لا فائدة عملية لها فاقتلعناها وحولنا ارضها الى مزيد من العشوائيات.

      كانت النساء فى تلك الفترة انيقات بغير ابتذال.  وكانت ملابسهن تعكس آخر صيحات الموضة التى كانت احيانا تظهر فى القاهرة قبل باريس.  وكانت للنساء وقتها شعر وسيقان اختفى معظمها الآن الى ما وراء الحجاب.

      كانت مصر دولة كبرى يحترمها الجميع.  وكانت حدودها فى وقت من الاوقات تشمل مصر والسودان واجزاء من ليبيا.  وصدق او لا تصدق انه فى سنة 1862 ارسلت اليابان بعثة لدراسة عوامل النهضة المصرية حتى تتبناها فى بلادها. وايضا صدق وان بريطانيا العظمى اخذت من مصر سلفة قدرها 3 مليون جنيه وهى توازى 29 مليار جنيه بحسب قيمة العملة الحالية.

      كانت مصر (مثل امريكا) البلد الذى يهاجر اليه الناس طلبا لحياة افضل.  كان ياتى لمصر مهاجرون من اليونان وايطاليا وتركيا ولبنان وسوريا وغيرها.  وكانت العملة المصرية لها غطاء نقدى قوى لدرجة ان المال كان يحمل اسم مصر (مصارى).  كان الجنيه المصرى وقتها يستبدل بجنيه ذهب (وتأخذ الباقى خمسة تعريفة).  اليوم اصبح الجنيه الذهب يوازى اكثر من 2200 جنيه.

      فماذا جرى لمصر؟  فيما يلى بعض العوامل التى اوصلت مصر الى ما هى عليه الآن.

   هذه بعض الاسباب التى اوصلتنا الى حيث نحن الآن.  لم تصل مصرالى هذا لنقص فى كفاءة شعبها وهم الذين بنوا اعظم حضارة عرفها التاريخ، والذين أثبتوا قدراتهم حيثما ذهبوا.  انه تراكم المشكلات وتاجيل الحلول وغياب الارادة بالاضافة الى التواكل القاتل الذى يدفعنا الى القاء تبعة الامر كله على الله.  بديهى ان العلاج هو تغيير المسار والمثابرة بالعمل الشاق.  اما اذا استمرينا فى نفس طريقنا فسنزداد من سىء الى اسوأ.  ونكون نحن من جلبنا هذا على أنفسنا، واياك يلوم أحد إسرائيل او أمريكا، أو يقول إن الله شاء.

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.