Print

على هامش فقه المصادرة : أحمد عبد المعطي حجازي: الرقابة غطاء يستر الإرهاب

19/04/Copts-United        2007

حلمي سالم: وزارات وهيئات رسمية تزايد على التيارات الإسلامية!!
متابعة: إسحق إبراهيم
ليست المشكلة حرمان مجلة من الصدور أو منع كتاب من التداول لكن القضية التي نواجهها اليوم هي قضية وطن.. سياسة عامة ترتبط بالمجتمع ككل... نحن لم نعد أمام منظمات أو قوى أو جماعات ضيقة الصدر تحاول أن تفرض آرائها وتصادر على العقول.. يوجد مناخ عام محتقن يطالب بعدم التفكير،

بدأ الأستاذ الكاتب احمد عبد المعطى حجازي كلمته في الندوة التي نظمتها جمعية التنوير بالاشتراك مع مركز الحوار الإنساني متأثراً وقال: دون التفكير لن نصل إلى حل لأي مشكلة تواجهنا، ولن نستطيع أن نعرف ماضينا بصورة صحيحة، وننقد واقعنا لنغيره للأحسن، لا أدري لماذا تزييف الماضي وتقديسه إلى هذه الدرجة، فالماضي والحاضر والمستقبل أيضاً يتضمنون إيجابيات وسلبيات.
وتناول حجازي الصراع بين حرية الفكر وتيار الرجعية من خلال عرض تجربة مجلة إبداع التي تصدرها الهيئة العامة للكتاب والتي تهتم بعرض الأعمال الأدبية والفنية وتتضمن شعر وقصة وتصوير وخط ومسرح وقال:
وفي أواخر عام 1990 تولي رئاسة الهيئة للكتاب الدكتور سمير سرحان وطلب مني تولي رئاسة تحريرها، وبالطبع مجلة تصدر في التسعينيات لا بد أن يجد فيها المواطن المصري كل ما يتصل بالحياة الثقافية في مصر والعالم خاصة أننا لم نعد معزولين عن العالم الخارجي، وكان لا بد من الاهتمام بجريمة قتل فرج فوده لأنها لم تكن حادثة عادية لكنها كانت كارثة، ولم تمض شهور قليلة حتى تعرض الأديب نجيب محفوظ لعملية اغتيال، وتحدثنا عن الرقابة بأنها الغطاء الديني الذي يداري ويستر الإرهاب، الرقابة تجرم الرأي فإذا كان الرأي مجرم فان الفاعل غير مذنب. يوجد تواطؤ بين أجهزة في الدولة ضد الإبداع حيث تم حرمان نجيب محفوظ من إصدار ونشر أولاد حارتنا وأحرقت كتب مثل الفتوحات المكية لابن عربي وألف ليلة وليلة التي تعرض لتفاعل ثقافات وحضارات مختلفة لدرجة أن أعضاء في مجلس الشعب طالبوا بإحراقها، قد جرمنا القتلة، ولم نكن صارخين شاكيين في البرية فقط لكن فضحنا هؤلاء، وصدر أعداد خاصة عن فقه المصادرة وعن زملائنا الذين اغتيلوا في الجزائر.
وأستطرد الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي: لا يحمي الناس من الفكرة الخاطئة إلا من تعرفهم عليها ونقدها، إذا عينت نفسك وصياً على البشر لن يكون هناك تنوع، ومن يضمن أنك الصواب، والوصاية الفكرية هي إحدى أشكال الطغيان الثقافي وهي مرتبطة بالاستبداد السياسي، الحاكم تفرض استبداده عن طريق إقناع الناس بأنهم أطفال، وإذا تركتهم ضلوا الطريق. نحن نحتاج إلى استعادة ضمير المثقف الذي كان قادر في زمن العقاد وطه حسين ولطفي السيد إلى نقد الواقع في حرية كاملة لا سيما بعد تحول المثقف إلى موظف.
ويضيف: نحن نريد أن ننقذ بلادنا، ونستعيد صورتها التي فقدتها، منهج المصادرة أدى إلى تعثر المجلة ووجود متاعب من الإدارة، ثم نشرت صورة ادم وحواء للفنان النمساوي المصور جوستاف كلين وشن مجلس الشعب حملة ضد المجلة بحجة أن الصورة عارية لكن فاروق حسني وزير الثقافة دافع عن المجلة، وقال إن طريقة معاملة الفن تختلف عن طريقة قراءة الأشياء العادية. واحتفلت المجلة بمئوية محمود سعيد وهو مغرم لكن اعترض العمال وذهبوا إلى سمير سرحان وطالبوا بوقف العدد لأنه يتضمن صور فيها عري، وتكرر نفس الأمر عندما اعترض البعض على تدريس الجامعة الأمريكية لكتاب حول محمد فقامت المجلة بنشر مقطع منه وكانت النتيجة التعرض لسلسلة من المضايقات قام بها مجمع البحوث الإسلامية الذي أصبح يرسل أعضاءه ليصادروا الكتب دون العرض على القضاة مثل مؤلفات العشماوي، توقفت المجلة عن الصدور عام 2002 لكن منذ ثمانية شهور طلب ناصر الأنصاري إعادة صدور المجلة وطبع العدد متضمن قصيدة حلمي سالم وهو شاعر معروف قدم نفسه من خمسة وعشرين عاماً، يحدث إن الشاعر قد يتجاوز طريقة التعبير لكن لغة الشعر ليست لغة المنطق أنها لغة رمزية استعارية تهدف إلى تحقيق قيمة الجمال والمتعة.
لخص الشاعر حلمي سالم صاحب القصيدة رأيه في خمس نقاط هي:
- قراءة الشعر والأدب والفنون لا ينبغي أن تقرأ حرفياً فلها مختصين فكما يقول رجال الدين إن التحدث في أمور الدين والفقه له رجاله فإن للشعر مختصون هم النقاد وعلماء الجمال والمفكرين لا سيما أن القراءة الحرفية هي سبب كل المشاكل التي تقوم في الآداب والفنون والأديان نفسها، وأظن إن القراءة الحرفية هي سبب انقسام الإسلام إلى 73 فقه.
-في السنوات الأخيرة تنامي الخوف من التيارات الدينية، وأصبحت وزارت وهيئات تزايد عليها في المسائل الدينية وهو الخطر الأكبر.
- ألغى السادات الرقابة في سنة 1979 لكنه بتغذية التيارات الإسلام السياسي صار كل مواطن رقيب مثل سائق التاكسي والساعي وعامل المطبعة يتحكمون في النشر!! وهذه كارثة، الدستور يضممن حرية الرأي والتعبير لكن يسلب الشمال ما يعطيه باليمين خاصة عند ينص أن كله في حدود القانون!! كما أن الدستور ظلم البهائيين ولا يعترف إلا بالأديان التي يعترف بها الإسلام فقط ومن ثمة لم يحصل البهائيين على حقوقهم.
- المبدعين يقولون إن الحرية مطلقة لكن أهل الدين يقولون شرط عدم المساس بالثوابت هذا لكن إذا حدث تجاوز، ما العمل؟!! نصادر الإبداع أم نحرقه أم نجادله ويتم الرد عليه وتقده فلا يجب أن تكون معالجة التجاوز بتجاوز آخر ومساس بقيم أخرى.
- نحن في هذه معضلة منذ بداية النهضة الحديثة مائتين عام حيث تحول مصر أن تجمع بين المرجعية الدينية والمرجعية المدنية ويناطح كل منهما الآخر لكن المرجعية الدينية كسبت مناطق نفوذ في السنوات الأخيرة ويجب السعي لأن تكون مرجعيتنا مدنية فقط.
فند الدكتور أنور مغيث الأستاذ بكلية الآداب جامعة حلوان الحجج التي تقال بأن مصر تواجه مشكلات أكبر من الحديث عن حرية الرأي والتعبير وأضاف أن هذه القضية مهمة جداً ولا يجب فصل المشكلات الثقافية عن المناخ السياسي والاجتماعي. وتناول موضوع تمويل الثقافة ورأي أنه طالما وافقت الدولة على تمويل إصدارات يجب ألا تضع إلا قيود عليها وأن تترك لها المجال لتعبر عن الاختلاف وعن الإبداعات دون وجود محظورات.