Print

بقلم هانى مراد

انتخاب عمدة لندن

سألني أحدهم عن انطباعي بعد انتخاب اول عمدة مسلم لمدينة لندن؟

كانت إجابتي كالتالي:

من ناحية تأتي النتيجة لتؤكد قيم التسامح الحقيقية التي يتمتع بها المجتمع البريطاني و التي تجبر الجميع علي احترام و تقدير تلك الديمقراطية العريقة.

اما شعوري بانتخاب مهاجر مسلم من أصل باكستاني لعاصمة بريطانيا وضع أمامي دون ان اشعر مشهد مقابل له في وطني الغالي مصر حين اعتصم الآلاف رفضاً لتعيين محافظ مسيحي (بالمناسبة الأقباط المسيحيين هم أبناء مصر الأصليين و ليسوا مهاجرين)

و اضطرت الدولة الرضوخ لمطالب المتظاهرين الرافضة لتولي مسيحي هذا المنصب و استبداله باخر مسلم.

لماذا وصل عمدة مسلم لهذا المنصب في لندن و لا يستطيع مواطن مسيحي الحصول علي منصب محافظ في مصر؟

الإجابة البسيطة هي قواعد الديمقراطية و مناخ الحرية 

و مبدأ تكافؤ الفرص بين الجميع دون تمييز الموجود في بريطانيا

و عدم وجود تمييز ديني يتم علي أساسه اختيار المناصب القيادية.

يمكن للجميع بإلقاء اللوم علي النظام السياسي الحاكم في مصر  و عدم قدرته علي تطبيق القانون الذي ينص علي انه لا تمييز بين المصريين علي أساس الجنس او اللون او الدين او... الخ

و لكن هذا حكم سطحي علي الأمور .

هل حقاً تكمن المشكلة في النظام السياسي؟

النظام السياسي هو الذي فكر و رشح و عيّن   المحافظ المسيحي   و لكن المشكلة تكمن في التوجه العام لدي جموع الناس ..

و من اين أتي هذا الوعي الجمعي؟

ذاك الوجدان العنصري الرافض للمساواة بين أبناء  الوطن الواحد؟

هذا الوجدان الذي يستطيع السكوت علي جرائم الفساد و الاستبداد و قمع الحريات و نهب المال العام و انتهاك كرامة البسطاء و قتل الأبرياء  و لكنه لا يمكنه السكوت أبداً علي تعيين موظف مسيحي في منصب قيادي.

لماذا؟

لأنه يتعارض ببساطة مع قواعد و قوانين تعاليمه الدينية...

المتفق عليه من جمهور علماء المسلمين انه لا ولايه لغير المسلم علي المسلم و دون الدخول في تفاصيل فقهية عن الولاية الصغري و الولاية الكبري فان الدين الاسلامي يُحرم في العموم تولي غير المسلم منصب قيادي يكون فيه رئيساً علي المسلمين.

ما رأي النظام السياسي في مصر في هذا الموضوع؟

ربما كان كثير ممن هم في السلطة من الوطنيين الشرفاء يوافقون علي هذا الرأي بعدم تولي مسيحي منصباً قيادياً و سيكون هذا ربما ايضاً رأي الشرفاء من أحرار المعارضة ايضاً...

فالأغلبية ستكون متأثرة بالرأي الديني و خاضعة له.

ما الحل إذن بالنسبة لمسيحيي مصر للحصول علي المساواة في وطنهم و تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بعيداً عن التعصب الديني ؟

كيف يمكن ان يكونوا محظوظين في  وطنهم للحصول علي نفس ما حصل عليه ذلك الباكستاني في إنجلترا ؟

هل لهم ان يحلمون بالوصول الي مناصب قيادية في وطنهم الأصلي و ليس المهاجرين اليه؟

كيف تحقيق العدل لأقباط مصر؟

هل يكون بمراجعة المسلمين موقفهم من نصوص دينية يؤمنون بها؟

ام بالاحتكام لقانون عادل يساوي بين المواطنين بغض النظر عن انتماءهم الديني؟؟

و ماذا اذا كان القانون و الدستور ينصان علي ذلك بالفعل؟

كيف يمكن لجرجس ان يحصل في بلده الأصلي علي ما حصل عليه خان في بلده الذي هاجر اليه والداه؟